(وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ). أي لا ترتكبوا هذا الإثم وأنتم عالمون بقبحه ، وليس من شك ان الاقدام على القبيح مع العلم أقبح من الاقدام مع الشبهة .. وفي الحديث : «الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة». فبالأولى إذا كان عالما بالتحريم.
والرشوة من أعظم المحرمات ، حتى على الحكم بالحق ، فقد لعن الله ورسوله الراشي والمرتشي والماشي بينهما بالرشوة ، وفي رواية ان الرشوة كفر بالله العظيم ، وفي ثانية انها شرك.
حكم القاضي الفاسق :
قال الحنفية : ان حكم القاضي الفاسق نافذ ، فقد جاء في متن الكتاب المعروف بابن عابدين ج ٤ ص ٣١٢ طبعة ١٣٢٥ ه باب القضاء ما نصه بالحرف : «الفاسق أهل للشهادة ، فيكون أهلا للقضاء». وفي فتح القدير ج ٥ ص ٤٥٤ باب القضاء : «الوجه تنفيذ حكم كل من ولاه سلطان ذو شوكة ، وان كان جاهلا فاسقا ، وهو ظاهر المذهب عندنا».
وأجمع الشيعة الإمامية كلمة واحدة على ان الفاسق لا يجوز أن يتولى القضاء ، وان حكمه لا ينفذ إطلاقا بالغا ما بلغ من العلم .. وتشدد جماعة من الفقهاء الإمامية ، حيث ذهبوا الى ان صاحب الحق لا يجوز له أن يرفع دعواه الى غير القاضي العادل ، حتى ولو انحصر تحصيل حقه بهذا الترافع ، بحيث لولاه لذهب هدرا وضياعا ، وإذا خالف صاحب الحق ، ورجع الى القاضي غير العادل ، وحكم له هذا بالحق فلا يجوز لصاحبه أن يأخذ الشيء المحكوم به ، وان كان حقا ، عملا بقول الإمام جعفر الصادق (ع) : «فإنما يأخذه سحتا ، وان كان حقا ثابتا له».
وقال أكثر الفقهاء الإمامية : ان لصاحب الحق أن يستعين بغير العادل للحصول على حقه إذا انحصر بالرجوع اليه ، بحيث لا يجد وسيلة سواه من غير فرق بين أن يكون الحق دينا أو عينا ، لأن دفع الضرر عن النفس جائز ، وقد يجب ، ولا يتم الا بالرجوع الى غير العادل ، كما هو المفروض ، فيكون جائزا أو