يا عبدة الله ، وكذلك العبد ، لأن الآدميين عبيد الله ، والآدميات اماؤه .. ومحصل المعنى لا تتزوجوا أيها المسلمون من مشركة ما دامت على الشرك ، وتزوجوا امرأة منكم ، وان كانت دون المشركة خلقا وخلقا ، ولا تزوجوا مشركا ما دام على شركه ، وزوجوا رجلا منكم ، وان كان دون المشرك مالا وجاها.
(أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ). أولئك اشارة الى المشركين والمشركات ، ويدعون الى النار بيان للحكمة الموجبة لعدم الزواج أخذا وعطاء من أهل الشرك ، والحكمة هي ان الصلة الزوجية بهم تؤدي الى فساد العقيدة والدين ـ وعلى الأقل ـ الى الفسق والتهاون بأحكام الله.
والذي نشاهده في هذا العصر ان الكثير من شبابنا وشاباتنا ليسوا بأحسن حالا من أهل الكفر والشرك من حيث الاستخفاف والتهاون بالدين ، والتحرر من قيوده وآثاره ، وتنشئة أبنائهم تنشئة لا دينية ولا أخلاقية .. ولو لا شهادتهم لله بالوحدانية ، ولمحمد (ص) بالرسالة لوجب أن نعاملهم معاملة الملحدين والمشركين ، ولكن لهذه الكلمة تأثيرها في حقن الدماء ، وصيانة الأموال ، وصحة الزواج والميراث ، حتى ولو جاءت عن طريق التقليد والوراثة ، بل والايمان المزيف (١).
(وَاللهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ). هنا دعوتان : الأولى دعوة المشركين الى فعل ما يوجب دخول النار ، وغضب الله سبحانه. والثانية دعوة الله الى فعل ما يوجب المغفرة ودخول الجنة ، ومن هذا الفعل الزواج بالمؤمنة دون المشركة ، وتزويج المؤمن دون المشرك .. وليس من شك ان المؤمنين هم الذين يلبون دعوة الله ، وينالون بذلك مفخرته ، ويدخلون جنته باذنه ، أي بهدايته وتوفيقه.
الزواج بالكتابية :
اتفق المسلمون على انه لا يجوز للمسلم ، ولا للمسلمة التزويج ممن لا كتاب
__________________
(١) ان الزواج والميراث يترتبان على اظهار الإسلام ، لا على الإسلام واقعا ، وبحثنا ذلك مفصلا في كتاب أصول الإثبات ، فصل الدعوى ومخالفة الشرع ، فقرة الإسلام.