وتسأل : ان كثيرا من المفسرين قالوا : المراد من التسريح الطلقة الثالثة ، واستشهدوا بحديث عن الرسول الأعظم (ص) .. فلما ذا عدلت عن قولهم هذا ، وفسرت التسريح بالإهمال وترك المراجعة؟.
الجواب : ان لفظ التسريح بذاته يمكن أن يراد منه الطلقة الثالثة ، ويمكن أن يراد منه السكوت عن المطلقة وعدم مراجعتها ، ولكن مراعاة السياق. ترجح المعنى الثاني ، وهو عدم المراجعة ، ذلك ان قوله تعالى : (فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ) هو تفريع عن الإمساك ، ويكون المعنى إذا طلقها بعد الإمساك ، ورجع اليها أثناء عدتها من الطلاق الثاني تكون الطلقة ثالثة ، ولا يحل للمطلق أن يرجع اليها ، حتى تنكح زوجا غيره ، ولا يصح أن يكون تفريعا عن التسريح بمعنى الطلاق الثالث ، إذ يكون المعنى على هذا فان طلقها للمرة الرابعة بعد أن طلقها الطلقة الثالثة ، والمفروض انه لا طلاق رابع في الإسلام ، أما الحديث الذي فسر التسريح بالطلقة الثالثة فغير ثابت.
الطلاق ثلاثا :
اتفقت المذاهب السنية الأربعة على ان من قال لزوجته : أنت طالق ثلاثا ، أو قال : أنت طالق. انت طالق. انت طالق يقع بذلك ثلاث طلقات ، وتحرم عليه حتى تنكح زوجا غيره .. وقال الإمامية : تقع طلقة واحدة فقط ، ويحل له الرجوع اليها ما دامت بالعدة.
وجاء في تفسير المنار عن ابن حنبل في مسنده ، ومسلم في صحيحه ، ان طلاق الثلاث كان واحدة على عهد رسول الله (ص) وأبي بكر وبعض السنين من خلافة عمر .. ولكن عمر بدا له ، وقال : ان الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة ، فلو أمضيناه عليهم ، فأمضاه عليهم .. ثم نقل صاحب تفسير المنار عن ابن القيّم ان الأصحاب كانوا مجمعين على أن لا يقع بالثلاث مجتمعة الا واحدة من أول الإسلام الى ثلاث سنين من خلافة عمر ، وأيضا أفتى به بعد عمر جماعة من الصحابة والتابعين وأتباع تابعيهم ، وان الفتوى بذلك تتابعت في كل عصر ، حتى كان من أتباع الأئمة الأربعة من أفتى بذلك.