هذا ، فخطبها أو أبدى لها ما يكنّ صراحة فهو آثم ، لأن العزم غير مقدور ، والتصريح مقدور .. وقد جاء في الحديث : إذا حسدت فلا تبغ ، فنهى عن البغي الذي هو أثر من آثار الحسد ، ولم ينه عن الحسد بالذات ، لأنه غير مقدور.
(عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ) في أنفسكم ، ولذا أباح لكم التلويح ، ولو حرم عليكم التلويح والتصريح لشق ذلك عليكم. (وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا). رحتى التلويح بالزواج أثناء العدة الرجعية أو غيرها لا يجوز في الخلوة ، لأن الخلوة بين الرجل والمرأة تجر الى ما لا يرضي الله ، وفي الحديث ما اختلى رجل وامرأة الا وكان الشيطان ثالثا لهما .. بخاصة إذا كانت مرغوبة لمن اختلى بها .. اللهم الا أن يكون الرجل على يقين بأن الخلوة لا تؤدي به الى الحرام في القول ، ولا في الفعل ، وعندها يجوز له أن يقول لها في السر ما لا يستنكر عند المهذبين في العلانية ، وإلى هذا الاستثناء أشار سبحانه بقوله : (إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً).
(وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ) عزما باتا قطعيا ، أو لا تنشئوا عقد الزواج (حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ) بانقضاء العدة.
الزواج في العدة :
وبعد أن اتفق المسلمون جميعا على ان العقد والخطبة الصريحة أثناء العدة من المحرمات ، وان العقد باطل قطعا ، ولا أثر له إطلاقا ، بعد هذا الاتفاق اختلفوا فيما بينهم : هل تحرم المرأة حرمة مؤبدة على من كان قد عقد عليها أثناء العدة ، أو يجوز له ان يستأنف العقد عليها والزواج منها بعد انقضاء العدة؟. رقال الحنفية والشافعية : لا مانع من تزويجه بها ثانية. (بداية المجتهد). روقال الإمامية : إذا عقد عليها ، مع علمه بالعدة والحرمة حرمت عليه مؤبدا ، سواء ادخل أم لم يدخل ، وإذا عقد عليها جاهلا بالعدة والحرمة فلا تحرم مؤبدا الا إذا دخل ، وله استئناف العقد بعد العدة إذا لم يدخل.
هذا حكم العقد أثناء العدة ، أما مجرد الخطبة فلا أثر لها إلا من حيث الإثم فقط ، ومن طريف ما قرأته في هذا الباب ما جاء في احكام القرآن لأبي بكر