الآية على بذل المال لتجهيز المجاهدين ، لأن القتال كما يحتاج الى الرجال فانه يحتاج الى المال ، ومن يقرأ عن ميزانية الحروب اليوم للدول الكبرى فلا بد أن تذهله الأرقام .. فلقد بلغت عند بعض الدول الغربية أكثر من أربعمائة الف مليون ولكن هذه الميزانية الضخمة خصصت للاعتداء وسيطرة الظلم ، وفرض الارادة على الشعوب ، والتحكم في مصيرها ومقدراتها .. أما الجهاد الذي حث الله عليه في كتابه فهو الجهاد من أجل احقاق الحق ، والتحصن من عدوان المعتدين.
(مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً). هذا في واقعه أمر بالإنفاق والبذل ، وجيء به بصيغة الاستفهام عن الاقراض ، ليحرك أريحية المؤمنين ، ويملأ القلوب بالعطف ، حتى يسهل عليها البذل ابتغاء مرضاة الله .. وقوله سبحانه : (قَرْضاً حَسَناً) اشارة الى أن المال المبذول يجب أن يكون من الحلال لا من الحرام ، وأن يبذل عن رضا وبقصد التقرب اليه سبحانه ، وأن يصادف موقعه.
ومتى تمت هذه الشروط بكاملها (فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً). قال الإمام جعفر الصادق (ع) : لما نزلت الآية ٨٤ من سورة القصص : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها) قال رسول الله : رب زدني ، فأنزل الله من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ، فقال رسول الله : رب زدني ، فأنزل الله سبحانه : فيضاعفه له أضعافا كثيرة. والكثير عند الله لا يبلغه الإحصاء.
(وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ). أي يضيق ويوسع ، والمراد ان الله سبحانه لم يحث عباده على البذل ، لحاجة منه اليهم .. كلا ، فانه الغني ، وهم الفقراء ، وانما الغرض هو إرشادهم وهدايتهم الى عمل الخير. (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ). فيجازى المحسن على إحسانه ، والمسيء على إساءته.
قصة طالوت الآة ٢٤٦ ـ ٢٥٢ :
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ