على حق أو دين ، وتجب الاجابة هنا كفاية لا عينا كما ذكرنا في تفسير قوله تعالى : (وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا). أما الأدلاء بها فهو أن يدعوك صاحب الحق بعد أن تتحمل الشهادة لتدلي بها أمام المحاكم ، ولا يسعك أن تمتنع عن اجابته إذا توقف ثبوت الحق على الاستماع إلى شهادتك ، وأمنت الضرر ، فإذا امتنعت ، والحال هذه ، فأنت آثم ، لقوله تعالى : (وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ). والمراد بآثم قلبه انه يعاقب عقاب من قصد وتعمد الإثم ، لأن القصد والعمد من صفات القلب.
ان قيدوا ما في انفسكم الآة ٢٨٤ :
(لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٨٤))
المعنى :
(وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ). قد ترد على قلب الإنسان خواطر سوداء لا يتمكن من دفعها ، كما لو تمنى أن تهدم دار فلان ، أو تدهسه سيارة ، ولا حساب ولا عقاب على هذه ما دامت مجرد خواطر لا يظهر لها أثر في قول أو فعل ، لأنها خارجة عن القدرة ، فالتكليف بها سلبا أو إيجابا تكليف بما لا يطاق.
وقد يعزم على المعصية عزما أكيدا ، ويهم بها عن تصميم ، حتى إذا أوشك أن يفعل أحجم وتراجع ، إما خوفا من الله سبحانه ، واما خوفا من الناس ، والأول مأجور ، لأن إحجامه خوفا منه تعالى يعد توبة وانابة يثاب عليها ، والثاني غير مأجور ولا موزور ، لا يثاب ولا يعاقب تفضلا من الله وكرما ،