فلقد جاء في الحديث : إذا همّ العبد بحسنة فلم يفعلها كتبت له حسنة ، فان فعلها كتبت له عشرا ، وان همّ بسيئة فعملها كتبت سيئة واحدة ، فان لم يعملها لم تكتب شيئا.
وقد يعزم على المعصية ، ويباشرها بالفعل ، وهذا العاصي على نوعين : نوع يعصي الله علنا غير مكترث بأقوال الناس وانتقادهم وتشهيرهم ، وهذا هو المراد بقوله : (إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ). ونوع يستر معصيته بالنفاق والرياء ، يفسد في الخفاء ، ويعلن الصلاح ، وكلا النوعين يعلم الله بهما (فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ). ما دام الله سبحانه مالك السموات والأرض ، قادرا على كل شيء فله أن يعفو عمن يشاء من العصاة ، ويعذب من يشاء منهم حسبما تقتضيه حكمته .. قال محيي الدين ابن العربي في تفسيره ما معناه : ان الله يغفر للعاصي إذا كان قويا في إيمانه ، ولكن صدرت منه المعصية عرضا ، لا لرسوخ جذورها في نفسه ، ويعذب العاصي الضعيف في إيمانه الذي رسخت جذور المعصية في نفسه.
آمن الرسول الآة ٢٨٥ : ٢٨٦ :
(آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (٢٨٥) لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (٢٨٦))