عين المدعي .. والفلاسفة يسمون هذا النوع بالدور الذي يحيله العقل .. وقد نظمه بعض الشعراء بقوله :
مسألة الدور جرت |
|
بيني وبين من أحب |
لو لا مشيبي ما جفا |
|
لو لا جفاه لم أشب |
والبيت الأخير ـ كما ترى ـ أشبه بهذيان المجانين ، لأن معنى العجز ان مشيب الشاعر حدث بعد هجر الحبيب ، وان سبب المشيب هو الهجر .. ومعنى الصدر ان الهجر حدث بعد المشيب ، وان سبب الهجر هو المشيب ، وعلى هذا يلزم أن يكون كل من الهجر والمشيب سببا ومسببا ، ودليلا ومدلولا ، وعلة ومعلولا في آن واحد ، كقول القائل : فصّلت هذا الثوب كي ألبسه ، ولبسته كي أفصّله.
انذرت ام لم تنذر آة ٦ ـ ٧ :
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٦) خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (٧))
(سَواءٌ) اسم بمعنى الاستواء ، والفعل منه استوى ، والوصف مستو ، وجملة (لا يُؤْمِنُونَ) خبر انّ ، و (سَواءٌ) مبتدأ ، و (أَنْذَرْتَهُمْ) خبره ، والجملة من المبتدأ والخبر معترضة بين (إِنَ) وخبرها ، وعلى هذا يكون تقدير الكلام ان الذين كفروا لا يؤمنون ، حتى ولو أنذرتهم ، والهمزة هنا للتسوية لا للاستفهام.