منهج الإسلام :
سبقت الاشارة الى أن تعاليم الإسلام ومبادئه على نوعين : عقائدية ، وعملية ، أي أصول وفروع ، عقيدة وشريعة عبّر بما شئت ، وموضوع العقيدة يتصل بنفس الإنسان ومشاعره ، وموضوع الشريعة أعمال الإنسان وأفعاله ، وقد دعا الإسلام الى الايمان به عقيدة وشريعة.
أما المنهج الذي اتبعه الإسلام لانتشار دعوته فيما يتصل بالعقيدة فقد جاء بيانه في الآية ١٢٥ من سورة النحل : (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ). والمراد بالحكمة والموعظة الحسنة الاعتماد على العقل فيما يستقل بادراكه ، كالألوهية التي يتوصل الإنسان الى معرفتها بالامعان والتأمل في خلقه ، وفي خلق السموات والأرض ، وكنبوة محمد (ص) التي يعرفها الباحثون من سيرته ، وطبيعة رسالته .. أما منهج الإسلام في معرفة ما لا يستقل العقل بادراكه من أصول العقيدة ، كبعض المغيبات فهو الاعتماد على وحي من الله الى نبيه الذي ثبت بدليل العقل نبوته وصدقه فيما أخبر به عن الله جل وعز.
أما المنهج لاثبات الشريعة فهو الكتاب والسنة والعقل .. وترتكز أحكام هذه الأصول الثلاثة على المصالح والمفاسد ، الطيبات والخبائث ، العدل والبغي ، عبّر بما أردت : (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ) ـ الأعراف ١٥٦» .. (يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ) ـ المائدة ٥» .. (وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ) ـ الأنبياء ٧٣» .. (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ) ـ النحل ٩٠».
واختصارا ان العقيدة منها ما يقوم على العقل ، ومنها على الوحي ، وأحكام الشريعة ترتكز على المصالح والمفاسد .. واستجاب للإسلام ودعوته الذين آمنوا بالغيب ، وأقاموا الصلاة ، وآتوا الزكاة ، وأعرض عنه الكافرون والمنافقون ، وقد ذكر الله المؤمنين أولا في الآيات السابقة ، وثنّى بذكر الكافرين ، وثلّث بالمنافقين وأوصافهم ، كما يأتي :