أصول العقيدة ، كالتوحيد والنبوة والبعث قرنه بالحجة والبرهان ، وإذا ذكر حكما شرعيا ، كتحريم الزنا ـ مثلا ـ أرسل القول فيه من غير دليل ، فما هو السر؟.
الجواب : إذا ثبت وجود الباري ، ونبوة محمد (ص) بالحجة العقلية كان قولهما هو الدليل والحجة ، ولا يجوز مخالفته بحال ، لأن مخالفة قول الله والرسول نقض لدليل العقل القاطع على التوحيد والنبوة ، فمن آمن وسلّم بهذين الأصلين فعليه أن يسلّم بكل ما ثبت بنص الكتاب والسنة من أحكام الشريعة وفروعها من غير سؤال ، وطلب للجواب ، ومن أنكرهما فلا جدوى من الحديث معه في الشريعة وفروعها ، ومن أجل هذا اهتم القرآن بإيراد الأدلة والبراهين على التوحيد والنبوة والبعث ، وابتدأ بالأول ، لأنه الأساس.
التوحيد :
ترتكز الأديان السماوية كلها على أصول ثلاثة : التوحيد ، والنبوة ، والبعث ، وما من نبي من آدم الى محمد (ص) إلا وتقوم دعوته على هذه الأصول ، وما عداها يتفرع عنها ، فعدالة الله وقدرته وحكمته فرع عن التوحيد ، والإمامة والقرآن فرع عن النبوة ، والحساب والجنة والنار فرع عن البعث.
وابتدأ القرآن الكريم بالأصل الأول ، وأرشد الى دلائله ، لأنه الأساس ، وخاطب الناس بقوله : اعبدوا ربكم الذي خلقكم الخ .. وبديهة ان عبادته تستدعي معرفته أولا بطريق القطع والجزم ، لا بطريق التخمين والظن (١) لأن الظن لا يغني عن الحق شيئا بشهادة القرآن نفسه. فما هو الطريق الذي يؤدي قطعا الى معرفة الله جل وعلا؟
__________________
(١) الإسلام عقيدة وشريعة ، والعقيدة كالايمان بالله وصفاته ، والنبي وعصمته ، والبعث وما اليه من الغيب. ولا يثبت شيء من مسائل العقيدة إلا بطريق القطع ، ومن هنا لم تكن محلا للاجتهاد. والشريعة كالعبادات والمعاملات والجنايات ، ويجوز اثبات مسائلها بطريق الظن والاجتهاد ، على شريطة أن يقوم دليل قطعي على صحة العمل بهذا الطريق الظني الخاص ، بحيث يكون القطع مصدرا للعمل بالظن.