عنه ما لا غنى لهم عن معرفته .. وقد عزز الله كل نبي ببينة جلية واضحة على صدقه في نبوته ، لتكون له الحجة على من أرسل اليهم ، والشرط الأساسي لهذه البينة أن تكون من نوع خاص يظهر على يد الأنبياء بالذات دون غيرهم حذرا من الخلط والاشتباه بين النبي وغيره.
ولمحمد (ص) بيّنات ودلائل على نبوته ، منها هذا القرآن الذي عمت نسخه كل مكان ، وأذيعت سوره وآياته في المكبرات ، ومن الاذاعات في الشرق والغرب ، حتى من إسرائيل .. ووجه الدلالة أنه تحدى ، وما زال ، ولن يزال يتحدى كل منكر أن يأتي هو بنفسه ، أو يأتي بمن يأتي بسورة من مثله. وما نقل عن واحد قديما وحديثا انه استطاع أن ينقض هذا التحدي ، على الرغم من كثرة الجاحدين ، وعدائهم للإسلام والمسلمين ، وحيث ثبت العجز فقد ثبتت نبوة محمد (ص) بالبداهة.
وبعد أن اتفق العلماء على ان القرآن معجزة اختلفوا في وجه الاعجاز وسره : هل هو الأسلوب والشكل من الجمال والروعة ، أو هو المضمون والمحتوى من العلم وقوانين التشريع ، والاخبار بالغيب ، وما إلى ذلك ، أو هما معا؟
وقد أطالوا الكلام في بيان وجه الاعجاز ، ووضعوا فيه كتبا خاصة ، ولا أريد التطويل في ذكر ما قيل ، واقتصر على ما أراه وجها للاعجاز ، ويتلخص بأن الإنسان يستطيع أن يقلد ويحاكي إنسانا مثله في قول أو فعل تكلفا وتصنعا بالنظر إلى ان كلا منهما يصدر عن العقل والخيال ، اما ان يقلد ويحاكي خالقه وصانعه في أثر من آثاره فمحال ، لأن الإنسان لا يتجاوز حدوده كمخلوق ، مهما بلغ من القوة والعظمة .. ومن الخير أن ننبه على ما يلي:
التحدي :
أشرنا الى ان محمدا تحدى المعاندين بالقرآن ، وليس من شك ان التحدي يتم ويصح إذا كان الفعل من النوع الذي يقدر عليه الشخص المقصود بالتحدي ، كما لو طلبت ممن له يد سليمة أن يضعها على رأسه ، أو يرفع بها ريشة من الأرض ، أما إذا طلبت من الأمي أن يقرأ ، ومن غير الطبيب أن يشفي المرضى ،