الناس يتقبلون هذا يومذاك ، أما اليوم حيث يتطلع الناس الى حياة أفضل فانّا نستدل مما نستدل به على نبوته بأنه وقف مع المستضعفين ، وحارب المستأثرين والظالمين ، وبفضله وفضل شريعته نزعت التيجان عن رؤوس الجبابرة ، وألقيت تحت أقدام رعاة الإبل ، ووزعت كنوز الملوك على الفقراء والمساكين.
وعلى أية حال ، فان جميع معجزات الرسول الأعظم هامة وعظيمة ، ولكن أهمها جميعا في تقديري أمران :
الأول : شريعة القرآن التي نظمت حقوق الإنسان ، وعلاقات الناس بعضهم مع بعض على أساس العدل والتعاون ، وسنعرض كل شيء في مورده ان شاء الله.
الثاني : مباهلة الرسول مع وفد نجران التي سجلها الله سبحانه في سورة آل عمران ، ان هذه المباهلة هي الدليل الحاسم ، والحد الفاصل الذي يضع المعاند الجاحد أمام العذاب والهلاك وجها لوجه ، هلاك ينزله محمد من السماء بكلمة واحدة تخرج من فمه الطاهر .. ان هذا التحدي لا مثيل له على الإطلاق في تاريخ البشرية .. ويأتي الشرح والتفصيل في محله ان شاء الله تعالى.
وأطلنا الكلام في الأصل الثاني ، وهو النبوة ، ليكون الضابط العام الذي يرجع اليه في كل ما يتصل به من الآيات. وقد ألفت كتابا خاصا فيه ، أسميته «النبوة والعقل» طبع أربع مرات.
ان الله لا يستحي ان يضرب مثلا الآة ٢٦ ـ ٢٧ :
(إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَما يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفاسِقِينَ (٢٦) الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٢٧))