ان الله لا يترك جعل شيء من الأشياء مثلا ، حتى ولو كان هذا الشيء بعوضة.
والمصدر من أن يوصل بدل من الضمير في «به» ، أي يقطعون ما أمر الله بصلته.
الهدى والضلال :
يطلق الهدى على معان :
«منها» : البيان والإرشاد ، وأكثر آيات الهدى في القرآن ، والكثير منها تحمل ذلك ، مثل قوله تعالى : (وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى) .. وقوله : (وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى). أي البيان ، ولا بيان لله الا ما جاءت به الرسل ، أو حكم به حكما بديهيا لا يتطرق اليه الشك والاحتمال.
و «منها» : ان يتقبل الإنسان النصيحة ، وينتفع بها ، ومنه قوله تعالى : (قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ ، فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها) ـ يونس ١٠٨».
و «منها» : التوفيق والعناية من الله بوجه خاص ، كقوله سبحانه : (وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ» ) .. وقوله : (وَأَنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ) ـ الحج ١٦» ، أي يوفقه الى العمل بالهداية ، ويمهد له السبيل اليها .. وبديهة ان الهداية بمجرد البيان لا تلازم التوفيق الى العمل ، بل قد وقد .. ومن ذلك قوله عز من قائل : (لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ). أي لا عليك ان يعملوا بهداك ، أو لا يعملوا ، وانما عليك البيان.
و «منها» : الثواب ، كقوله : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) ـ يونس ٩» ، أي يثيبهم بسبب ايمانهم ، وكذلك قوله : (يَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنابَ).
و «منها» ان يراد بالهدى المرشد والمبين بالنظر الى ان الهداية حصلت بسببه ، وهذا هو المقصود هنا بقوله تعالى : (يَهْدِي بِهِ كَثِيراً) ، قال صاحب مجمع البيان : «قوله يهدي به كثيرا يعني الذين آمنوا به ، وقالوا هذا في موضعه ، فلما حصلت الهداية بسبب الله أضيفت اليه».