وظلوا في حكم بخت نصر الى سنة ٥٣٨ ق. م. ، حيث تغلب ملك الفرس على بخت نصر ، فتنفس اليهود الصعداء ، واستمروا تحت سيطرة الفرس زهاء مائتي عام ، وبعدها وقعوا تحت حكم خلفاء الإسكندر الكبير ، ثم تحت سيطرة الرومان .. وفي سنة ١٣٥ ق. م. ثار اليهود على الرومان ، ولكن هؤلاء تغلبوا على اليهود ، وأخمدوا ثورتهم ، ثم أخرجوهم من فلسطين ، فهاموا على وجوههم في مختلف بقاع الأرض شرقا وغربا .. شرذمة في مصر ، وأخرى في لبنان وسورية ، وثالثة في العراق ، ورابعة في الحجاز ، أما اليمن فقد عرفها اليهود ، ورحلوا اليها للتجارة في عهد سليمان الذي تزوج ملكة اليمن بلقيس.
أما نعم الله عليهم التي أشار اليها بقوله : (اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ) فكثيرة ، منها اختيار الأنبياء منهم كموسى وهارون ويوشع وداود وسليمان وأيوب وعزير وزكريا ويحيى وغيرهم ، ومريم ام عيسى اسرائيلية ينتهي نسبها الى داود ، ولكن اليهود لا يعترفون بالسيد المسيح ابن مريم (ع) ، ويزعمون ان المسيح المذكور بالتوراة لم يأت بعد.
محمد ويهود المدينة :
حين هاجر الرسول (ص) من مكة الى المدينة كان فيها من اليهود ثلاث عشائر : بني قينقاع ، وبني قريظة ، وبني النضير ، وقد أنشأوا فيها معاصر للخمور ، وبيوتا للدعارة ، ومراعي للخنازير ، وكانوا يحتكرون صياغة الذهب والفضة ، وصناعة الأسلحة ، ويتاجرون بالربا .. وبالإجمال كانوا هم السادة للحياة الاقتصادية بالمدينة .. شأنهم في ذلك اليوم شأنهم اليوم ، حيث حلوا .. وبعد مكوث النبي (ص) بالمدينة شعروا بالخطر المباشر على أرباحهم وامتيازاتهم ، لأن شباب المدينة لن يترددوا بعد اليوم على حوانيتهم ومواخيرهم ، وأهلها لن يأكلوا لحوم الخنازير .. ومعنى هذا ان اليهود يفقدون جميع مصادر الثراء والأرباح .. ومن أجل هذا أخذوا يكيدون للرسول الأعظم (ص) ، ويتآمرون مع المشركين ضد المسلمين ، تماما كما تتآمر اليوم القوى الرجعية حرصا على مصالحها الشخصية.