النـظرتان الاسـلامية والرأسمـالية
تجاه الفـقراء : ملاحظات مقـارَنة
وتختلف النظرة الاسلامية الهادفة الى رفع الفقراء الى المستوى العام للناس عن النظرة الرأسمالية ، اختلافاً جوهرياً. ومردّ الاختلاف ، ان الاسلام ينظر الى الانسان من زاوية اعتباره كياناً كريماً مستخلفاً في الارض ، خلق بالاصل لعبادة الخالق عز وجل. فكيف يرضى سبحانه وتعالى لجوع فرد وتخمة فرد آخر؟ ولذلك ، فان الرسالة السماوية انما جاءت لتنظيم الحياة الاجتماعية وتثبيت اسس العدالة وتعمير الارض حتى يتفرغ العباد لعبادة خالقهم وبارئهم. ولكن النظرية الرأسمالية تنظر للانسان باعتباره مصدراً للانتاج والربح والاستهلاك (١) ، وعلى ضوء ذلك فانها ترتّب فلسفتها في العدالة الاجتماعية على اساس كمية انتاجه وحجم استهلاكه دون النظر الى قيمته الانسانية. وبسبب هذا التباين الفلسفي بين النظريّتين ، فاننا سنناقش ابرز الاختلافات العملية بينهما في الموارد التالية :
اولاً : ان نظرة الاسلام للفقراء ، انما هي نظرة مبتنية على اساس الرحمة والتكاتف والتكافل الاجتماعي ، فتقرر ان المجتمع ينبغي ان يتكفل المحروم القريب تكفلاً انسانياً ، بحيث لا يجرح كرامته ولا يحط من قدره ، وتعتبره
__________________
(١) (ريتشارد ادوارد) وآخرون. النظام الرأسمالي. نيوجرسي : برنتس ـ هول ، ١٩٧٨ م.