(يُوَلّدون جميعاً وهم متساوون) (١) لا يطابق الواقع الخارجي لاسباب واضحة ، وهي ان الافراد لا يتساوون تماماً في الذكاء والقدرات الجسدية والفكرية. الا ان رأي (جيفرسون) يصدق اذا كان يقصد به تلميحاً لفكرة العدالة الاجتماعية التي ينبغي ان يطرحها النظام الاجتماعي امام جميع الافراد. ولكن المشكلة الفلسفية تكمن في السؤال الذي يصاغ بالشكل التالي : كيف يمكن تحقيق المساواة التامة بين جميع الافراد وقد اختلفت قدراتهم الجسدية والعقلية على اداء ادوارهم الاجتماعية؟ فاجابت المدارس الفكرية والفلسفية على مدى التاريخ على هذا السؤال بإجاباتٍ متباينة.
إلاّ ان اول من نقض مفاهيم المساواة بين الافراد ، حكماء الاغريق انفسهم. فبعد ان آمنوا بالمساواة الحقيقية بين جميع الافراد حتى مع الاختلافات النسبية ، عادوا وصنفوا فكرة (المساواة) على اساس الانتماء القومي. فارسطو زعم صراحةً بان بعض الافراد عبيد بطبيعتهم الذاتية (٢). وزعم افلاطون بان بعض الانفس لا تستطيع ان تتطور كما تتطور انفس بقية الافراد (٣). وحتى ان مجالس (اثينا) كانت تتحدث ـ كما يصفها لنا (ثوسيدايدس) ـ عن المساواة بين مواطني (اثينا) فحسب ، مستثنية العبيد والاجانب عن عدالة تلك المدينة الفاضلة (٤)!
ولكن اول من نادى بالمساواة في نوادي الاغريق رواد مذهب (الرواقية
__________________
(١) (جي مارجوليس). « يوُلّد الافراد جميعاً وهم متساوون ». مقالة فلسفية في (المجلة الفلسفية) الامريكية ، عدد ٥٢ ، رقم ١٣ ، ١٩٥٥ م. ص ٣٣٧ـ ٣٤٦ (آ).
(٢) (ارسطوطاليس). الاخلاق. الكتاب الثالث. نيويورك : بنكوين ، ١٩٦٢ م.
(٣) (افلاطون). الايام الاخيرة لسقراط. نيويورك : بنكوين ، ١٩٦٩ م.
(٤) (جورج ابرنيثي). فكرة العدالة. ريجموند ، فريجينيا : ١٩٥٩م.