او ستوسيزم) الذي اكد على المساواة الطبيعية بين جميع الافراد ؛ باعتبارهم كائنات لديها قدرات عقلية وقابليات متساوية على فعل الخير (١). الا ان ذلك المذهب لم يستطيع التمييز بين المجرد القدرة على فعل الخير ، وبين تحقيق ذلك الفعل. وهذا الرأي الجديد يفسح لنا المجال لنتسائل : هل نستطيع ان ننكر على الافراد الذين لا يفعلون الخير دعوى المساواة؟ ام هل نستطيع ان نثبت (المساواة) حتى مع الذين يظلمون الآخرين وينكرون عليهم حقوقهم؟ هنا يصمت (المذهب الرواقي) عن الجواب. بل ان هذا الصمت يفتح الابواب للرسالة الدينية لتقوم بدورها في الجواب على ذلك.
ولاشك ان الرسالة الدينية الإلهيّة هي اول من نادت بالعدالة الواقعية ، الا ان التحريفات التي اجريت قسراً على بعضها انتهك اقدس مفاهيمها الاجتماعية. ففكرة (الاختيار الالهي) لليهود ، وفكرة (الانقاذ) عن طريق السيد المسيح (ع) ، وفكرة ان (العبودية البشرية) انما هي نتيجة من نتائج الذنب الذي يرتكبه الفرد ، كلها أدّت الى تشويه صورة الرسالة الدينية التي نادت بالعدالة الاجتماعية بين الافراد امام المجتمع وامام الخالق عز وجل. وحتى ان العقيدة الكالفنيّة في القرن السابع عشر الميلادي ـ التي ولدت كصورة من صور الاحتجاج على الكنيسة الكاثوليكية الزاعمة بان المساواة بين الافراد انما تنتهك النظام التكويني للعالم ـ نادت بالمساوات بين افراد الشعب المختار من البروتستانت فحسب ولم تلتفت الى حقوق بقية الافراد من المذاهب او الديانات الأخرى.
____________
(١) (ديفيد تومسون). المساواة. كامبردج : مطبعة جامعة كامبردج. ١٩٤٩ م.