ولم تتطور فكرة (المساواة الطبيعية) في القرن السابع عشر الميلادي الا على يد المفكر السياسي الاوروبي (توماس هوبس) الذي زعم بان الافراد في الطبيعة متساوون في الحقوق لانهم متساوون في القوة والبراعة (١). الا ان الفيلسوف (جون لوك) لم يتوقف عند فكرة المساواة الطبيعية للافراد عند الولادة ، بل زعم بانه لابد للافراد من التعرض الى نفس القانون الطبيعي ، والتمتع بنفس الحقوق الطبيعية (٢). ولكن هذه الافكار الجديدة وضعت الفلسفة السياسية الاوروبية في مأزق ؛ وجعلت المعارضين لهذه الافكار يتجمعون تحت غطاء الإشكال التالي وهو انه : اذا كان الافراد متساوون بالحرية والحقوق واقعاً فلماذا يخضعون لتحديدات المجتمع المدني والسلطة السياسية والالزام الاجتماعي؟ بل كيف نفسر العدالة السياسية اذا قبلنا بوجود الحاكم والمحكوم؟ اذن ، فإنّ هذه التحديدات السياسية والاجتماعية التي وجدت لحفظ الحقوق وفرض الواجبات انما تنتهك (المساواة الطبيعية) التي نادى بها (هوبس) و(لوك). وهذه الثغرات الفلسفية تجعلنا نشكك بقدرة المدرسة الاوربية على تقديم معنىً شاملٍ ومقبولٍ للعدالة الاجتماعية بين الافراد.
ولا شك ان المسرح الفلسفي الاوروبي في القرن الثامن عشر الميلادي شهد نشوء نظرية جديدة حول (العدالة الاجتماعية) والمساواة الطبيعية في
__________________
(١) (توماس هوبس). الدولة. تحرير : ميشيل اوكشوت. نيويورك : ١٩٦٢ م. الطبعة الأَصلية عام ١٦٥١ م.
(٢) (جون لوك). « الرسالة الثانية حول الحكومة المدنية » (١٦٩٠ م) ، في كتاب (رسالتان حول الحكومة). تحرير : بي لاسليت. اكسفورد : مطبعة جامعة اكسفورد ، ١٩٦٠ م.