الحقوق ، وهي نظرية (الطبيعة الانسانية) التي وضعها (كونديلاك) و (هيلفتيس) (١) ، التي زعمت بان الفوارق في الشخصية ، والقابليات ، والذكاء انما هي اختلافات في البيئة والتجربة الانسانية وليست في التكوين البشري. فالافراد ـ بطبيعتهم ـ متساوون بلحاظ انهم ، عند الولادة ، يملكون قدراً غير محدود من الطاقة الكامنة نحو الابداع ، دون وجود خصائص طبيعية تميز احدهم عن الآخر. وبالتالي فان طبعائهم المتباينة هي في الواقع قضية عارضة او امر طارىء ؛ لان الافراد ـ مبدئياً ـ متساوون في الكمال ، شرط ان تعطى لهم فرصاً اجتماعية مناسبة. الا ان (جان ـ جاك روسو) فسر انعدام العدالة الاجتماعية بتعقد الحياة الانسانية وتشابكها (٢) ؛ لان حاجات الفرد الطبيعية ـ بزعمه ـ لو كانت بسيطة لاعتمد الفرد على نفسه في اشباعها ، ولما كانت اداةً لإستثمار الآخرين. ومن أجل تحقيق العدالة الاجتماعية ، فإنّ (جان ـ جاك روسو) عرض مفهوم (المصالحة) بين المساواة الطبيعية وحاجات الانسان من جهة وبين الشروط الاجتماعية والسياسية للسلطة من جهة اخرى ؛ زاعماً بان غياب هذه المصالحة يمنع الافراد من ادراك قابلياتهم الابداعية ككيانات اخلاقية مستقلة. الا اننا نرد على (روسو) بان المصالحة المزعومة لا تضمن العدالة الحقوقية بين الافراد ؛ لان المصالحة غير المشروطة بين الافراد والدولة الظالمة يناقض اصالة العدالة الاجتماعية. وبطبيعة الحال فان (روسو) لم يشترط عدالة الدولة في
__________________
(١) (ساندفورد لاكوف). المساواة في الفلسفة السياسية. كامبردج. ماساشوستس : مطبعة جامعة هارفارد ، ١٩٦٤ م.
(٢) (جان ـ جاك روسو). محاضرة حول اصل انعدام العدالة الاجتماعية. آمستردام : ١٧٥٥ م.