تلك المصالحة. في حين قدم (عمانوئيل كانت) تحليلا اكثر تعقيداً لنفس القضية الاخلاقية التي طرحها (روسو) قائلاً بان جميع الافراد يجب ان يعاملوا كغايات ، لا كوسائل (١) ؛ بمعنى ان جميع الافراد اعضاء متساوون في الدولة (الغائية) ، لانهم جميعاً متساوون في القدرة على ادراك الخير والارادة الخيّرة. الا ان هذا التحليل ـ الذي ساهم في صياغة الحركات الثورية في امريكا الشمالية واوروبا الغربية في نهاية القرن الثامن عشر الميلادي ـ اضعف دور الدين في الحياة البشرية ؛ فبدل ان تكون الغاية النهائية مرضاة الخالق عز وجل اصبحت الغاية القصوى للدولة والنظام الاجتماعي الاهتمام بالفرد واشباع حاجاته الأساسية. مع ان الاهتمام بالفرد ـ لو تمّ ضمن الحدود الطبيعية ـ لن يتنافى مع الرسالة الاخلاقية الدينية.
الا اننا لا نستطيع ان نتحدث عن المساواة الاقتصادية دون التطرق للمساواة السياسية والاخلاقية ايضاً. فالمساواة السياسية لابد وان تتماشى مع المساواة الاقتصادية. والا فما معنى ان يشترك الافراد في الحكم والسلطة ، ولا يشتركوا بشكل عادل في الاستمتاع بالخيرات الاجتماعية. ولاشك ان التوزيع غير العادل للخيرات الاجتماعية يؤدي الى توزيع غير عادل للسلطة والمنزلة الاجتماعية. أضف الى ذلك ان عدم التزام الفرد بمفردات الرسالة الدينية يضعه على حافة الظلم الاجتماعي المستند على جنس الانسان ولونه ومنشئه.
ومن الطبيعي ان نجد الجواب الشافي لمعنى (العدالة الاجتماعية)
__________________
(١) (عمانوئيل كانت). نقد العقل. لندن : ١٨٨١ م.