ومصاديقها العملية متمثلاً في اروع صوره الفلسفية والتشريعية في الرسالة الاسلامية. فالاسلام لم يطرح مفهوم (المساواة) الا في العطاء الذي يقدمه بيت المال للفقراء والذي يفترض فيه ان يشبع حاجاتهم الاساسية. الا ان الافراد ـ وبسبب اختلاف قدراتهم العقلية والجسديّة ـ لايمكن أن يوضعوا على درجة أجتماعيّة واحدة بالدّقّة العقلية؛ لان ذلك مستحيل على صعيد الواقع الخارجي. ولذلك فنحن لانجد مورداً من الموارد الفقهية يشير بشكل من الاشكال الى فكرة (المساواة التكوينية) على المسرح الاجتماعي. ولكن الاسلام طرح بكل قوة فكرة (العدالة الاجتماعية) وحاول بلورة مصاديقها العملية من خلال الالزامات الاخلاقية والشرعية. ومن اجل تحقيق ذلك ، فقد اعلن ثلاثة مبادىء على درجة عظيمة من الاهمية :
المبدأ الاول : ان الاختلافات التكوينية بين الافراد انما هي حقيقة واقعية لا يمكن انكارها او تجاهلها. ولذلك فان (المساواة) التي تنادي بها النظريات الاجتماعية تصدق فقط في (المساواة) في اتاحة الفرصة لجميع الافراد باستثمار خيرات النظام الاجتماعي ، وفي (المساواة) في العطاء من بيت المال للمحتاجين. وفي غير ذلك يستحيل خلق المساواة التكوينية بين الافراد. ولذلك فان فكرة (العدالة الاجتماعية) التي يطرحها الاسلام انما تجبر الاختلافات التكوينية التي خلقت اصلاً مع الافراد دون ارادتهم. ولاشك ان المسؤول عن تحقيق العدالة الاجتماعية هو النظام الاجتماعي الاسلامي بمؤسّساته السياسيّة والاقتصاديّة والقضائيّة.
المبدأ الثاني : لماكان تحقيق المساواة العقلية بين الافراد مستحيلاً واقعاً ، فقد أكّدت الرسالة الإلهيّة على تحقيق المساواة العرفية (او العدالة الاجتماعية