محاولة ابتدائية لإكتشاف علم الاجتماع الاسلامي
لا شك ان النفس الانسانية تتكون من جزءين مهمين يشكلان جوهرها وكيانها المتميز في الوجود. ولنصطلح على هذين الجزءين ـ على سبيل الافتراض ـ بمصطلحين هما : اولاً : ذاتية الفرد. وثانياً : شخصيته الخارجية. فذاتية الانسان كيان موضوعي طبيعي مرتبط بالخالق عز وجل ، تستلهم منه (تلك الذات) كل معاني السمو والقوة والكمال. فتستطيع ذاتية الفرد السمو الى آفاق رحيبة في عالم الروح والوجدان ؛ فهي الفطرة الطبيعية التي تميل نحو التعلّق بخالق الوجود ، والتشبّث بمعرفة حدود الكون ، والتشوّق نحو معرفة النظام التكويني للمخلوقات. ولا ريب ان الرسالة السماوية تساهم بشكل فعال في تربية ذاتية الانسان ، وفي دفعها نحو حبّ الخير والتنعم بالجمال الروحي من خلال التعبد وممارسة الطاعات المأمور بها المكلف الجامع لشروط التكليف.
اما شخصية الانسان فهي الكيان الموضوعي الخارجي الذي يبنى من خلال إطار تطبيق الاحكام الشرعية الخاصة بالنظام الاجتماعي. بمعنى ان إنزال الاحكام الشرعية التي تنظم العلاقات الشخصية بين الافراد في المجتمع الى الواقع العملي ، يبني شخصية الفرد بناءً محكماً على الصعيد الاجتماعي. فاذا كانت شخصية الفرد شخصية دينية ، اصبح كيان ذلك الفرد ركناً مهماً من اركان النظام الاجتماعي ؛ لان شخصية الانسان بطبيعتها