اطـروحـة الـكـتاب
اهتمت النظريات الاجتماعية الغربية الحديثة والكلاسيكية بفكرة (العدالة الاجتماعية) زاعمة بان على الدولة والنظام الاجتماعي تحقيقها ضمن ضوابط الارتكاز العقلائي الأوروبي. فنادت (النظرية التوفيقية) بضرورة اختلاف أجور الافراد مقابل الاعمال التي ينجزونها بدعوى ان ذلك الاختلاف هو الذي يؤدي الى ثبات واستقرار النظام الاجتماعي. وطالبت نظرية (الصراع الطبقي) باعادة توزيع الثروة الاجتماعية عن طريق الصراع ضد الطبقة الرأسمالية الحاكمة ؛ لان انعدام العدالة الاجتماعية ما هو الا نتيجة حتمية للتراكم غير المشروع للثروة عند افراد الطبقة الرأسمالية. وحاولت (النظرية التلفيقية) الجمع بين محاسن النظريتين السابقتين ، فآمنت من جهة باختلاف الاجور والمكافآت الاجتماعية للعمال ، وآمنت من جهة اخرى بحتمية الصراع الاجتماعي للمحافظة على ديناميكية المجتمع. الا ان (ماكس وبر) في نظريته الجديدة رفض النظريات الثلاث السابقة ، زاعماً بان فكرة نشوء الطبقات الاجتماعية لا تحصل نتيجة الصراع الطبقي ، بل هي مجرد نتيجة تقاطع ثلاثة عوامل ، وهي : العامل الاقتصادي ، والسياسي ، والاجتماعي.
الا ان هذه النظريات الحديثة لم تعطنا صورة واضحة عن معنى (العدالة الاجتماعية) ، واساليب تحقيقها ، وطرق الزام الافراد او النظام الاجتماعي بالمشاركة في تثبيت اسسها. فالنظرية (التوفيقية) لم تفسر لنا ضوابط فوارق اجور العاملين في مختلف مجالات العمل الانساني ؛ ولم تعطنا تبريراً مقنعاً لدعمها نظام الاجور القائم ـ لا على اساس نوعية العمل المنجز ـ بل على اساس صفات العامل من حيث الطبقة والمنشأ ولون البشرة. ولم توفق نظرية (الصراع الاجتماعي) في التنبؤ بظهور طبقة اجتماعية متوسطة لاتخدم ـ بالضرورة ـ مصالح