المقدمـة
لا شك ان قضية العدالة الاجتماعية ترتبط بشكل او بآخر بصراع المصالح الفردية في النظام الاجتماعي ؛ بمعنى ان التنافس الشخصي للحصول على الثروات الاجتماعية والطبيعية هو الذي يؤدي الى إثارة قضية العدالة الاجتماعية على بساط البحث.
ولما كانت العدالة الاقتصادية جزء لا يتجزأ من الصورة الكلية للعدالة الحقوقية ، كان لا بد من توزيع الثروة الاجتماعية توزيعاً يرتبط بالحقوق الواجبة بالاصل ، ولا يرتبط بالنشاطات الخيرية او الكرم العرفي او الصدقات المستحبة المخيرة. وبتعبير آخر فان تصميم حق ثابت واجب للفقراء في اموال الاغنياء انما يساهم ـ بشكل فعال ـ في اعادة توزيع الثروة الاجتماعية التي خلقها من البداية التفاضل التكويني او الاجتماعي بين الافراد. وهذا الاصل هو جوهر فكرة الرسالة الاسلامية حول (العدالة الاجتماعية) وامكانية تطبيقها في النظام الاجتماعي الاسلامي. فالصدقة المستحبة او الهدية او الانفاق المستحب ليست حقاً (مع تأكيد الاسلام المستمر عليها) ، الا ان الزكاة الواجبة والخمس وبقية الفرائض المالية في الاسلام تعتبر حقوقاً واجبة يلزم الفرد المكلف باخراجها على الصعيدين الشرعي والاخلاقي ، لانها لا تعتبر جزء من امواله الشخصية ، بل هي حقاً من حقوق الآخرين. وهذا الاطار الاخلاقي في اعادة توزيع الثروة الاجتماعية يعطي المبدع النشيط نحو اربعة اخماس من ثمار نشاطه