الفـقـر والفـقـراء في النظام الرأسمالي
وتلوم النظرية الرأسمالية الفقراء في المجتمع الرأسمالي على فقرهم وتعاستهم ، وتلزمهم مسؤولية الهبوط الى قعر السلم الاجتماعي ، وتعزي سبب الفقر الى انعدام المسؤولية الاجتماعية للطبقة الفقيرة ، وتزعم بان انعدام المساواة الاجتماعية بين الافراد لها تبرير عقلائي وهو ان المُجدّ يفوز بقصب السبق من الناحية الاقتصادية ، والخاسر يعاقب بالحرمان من الكسب المالي ويجرد من مركزه الاجتماعي وقيمته الاخلاقية ؛ لانه ليس اهلاً للتمتع بالثروات الاجتماعية (١). واذا كانت الرأسمالية تضفي على مجتمعها الغني شتى صفات الحسن والكمال ، فانها تقصر عن اضفاء صفة كريمة واحدة على فقراء المجتمع الرأسمالي. فالفقير في ذلك المجتمع يعيش في جحيم دنيوي صنعه له انسان آخر يتمتع بكل ملذات الحياة ونعمها ، ويوصمه بالجهل والامية وانعدام الحافز والدافع الذاتي الذي يدفع الانسان السليم نحو الانشاء والابداع. ولا شك ان عدم اكتراث هذا النظام بالفقر والفقراء دليل على ان رواد هذه المدرسة الفكرية ليسوا اهلاً لقيادة وزعامة الانسانية المعذبة باي حال من الاحوال. فكيف يقود متخمو العالم ، ملايين المعذبين الذين يشدون على بطونهم الاحجار بلسماً لجوعهم وألمهم؟ وكيف
__________________
(١) (جون دالفين). الاصرار على انعدام العدالة الاجتماعية في امريكا. كامبردج : مطبعة شينكمان ، ١٩٨١ م.