الجواب : القصد انه لا طريق للافتداء بحال من الأحوال ، وبديهة ان فرض المحال ليس بمحال .. ومما قاله الإمام علي (ع) في وصف جهنم : «لا يظعن مقيمها ، ولا يفادى أسيرها».
(لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ (٩٢))
المال هو المحك الآية ٩٢ المراد بالبر هنا إكرام الله ، وتفضله على عبده .. وقد سبق تفسير العديد من الآيات التي حثت على الإنفاق ، ولكن لهذه الآية ميزة على كل آية وردت في هذا الباب. لأنها لم تأمر بالإنفاق وكفى ، كغيرها من الآيات ، بل ربطت بين نيل الإنسان الدرجات العلى عند الله سبحانه ، وبين إقدامه على التضحية بما يحب ، فالعبادة المجردة عن التضحية لا تقرّب من الله بموجب دلالة هذه الآية ، وكذا سائر الأعمال إلا ان ينطبق عليها نوع من الفداء والتضحية في سبيل الله.
وعلى هذا يكون قوله تعالى : (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) بيانا وتفسيرا لكل آية ورواية حثت على العمل من أجل مرضاة الله ، والقرب منه ، بيانا وتفسيرا بأن القرب منه تعالى لا يحصل ، ولن يحصل لأحد الا إذا بذل من نفسه وماله ما يحب .. وكأنّ الإمام علي (ع) أخذ من هذه الآية قوله : لا حاجة لله فيمن ليس لله في ماله ونفسه نصيب.
ان البذل مما تشح به النفس ، وتحرص عليه ، بخاصة المال هو المحك المميز بين الايمان الدخيل والأصيل .. فلقد كان المال ، ولا زال معبود الملايين ، وان كثيرا من الناس يخيل الشيطان اليهم انهم يعبدون الله سبحانه ، وهم في حقيقتهم وواقعهم يعبدون الدرهم والدينار ، ولكنهم لا يشعرون.