المتطاولة ، ومنها الحرب بين الأوس والخزرج التي امتدت ١٢٠ سنة ـ كما في تفسير الطبري ـ فألف الله بين قلوبهم ببركة الإسلام ، حتى صاروا إخوانا في الله متراحمين متناصحين. قال جعفر بن أبي طالب في حديثه إلى النجاشي :
«كنا قوما أهل جاهلية ، نعبد الأصنام ، ونأكل الميتة ، ونأتي الفواحش ، ونقطع الأرحام ، ونسيء الجوار ، ويأكل القوي منا الضعيف ، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولا منا ، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه ، فدعانا الى الله لنوحده ونعبده ، ونخلع ما كان يعبد آباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان ، وأمرنا بصدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وصلة الرحم ، وحسن الجوار ، والكف عن المحارم والدماء ، ونهانا عن الفواحش ، وقول الزور ، وأكل مال اليتيم ، وقذف المحصنات ، وأمرنا أن نعبد الله ، ولا نشرك به شيئا ، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام».
(وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها). شفا الشيء حرفه وحافته ، وشفى على الشيء إذا أشرف عليه ، والمعنى كنتم مشرفين على نار جهنم لكفركم فأنقذكم الله منها ببركة محمد (ص) .. وأحسن تفسير نفسر به هذه الآية ما جاء في خطبة سيدة النساء فاطمة بنت محمد (ص) التي خطبتها بعد وفاة أبيها (ص) مخاطبة أبا بكر ، ومن معه :
«كنتم على شفا حفرة من النار مذقة الشارب ، ونهزة الطامع ، وقبسة العجلان ، وموطئ الأقدام ، تشربون الطّرق ، وتقتاتون القدّ ، اذلة خاسئين ، تخافون أن يتخطفكم الناس من حولكم ، فأنقذكم الله تبارك وتعالى بأبي محمد (ص)».
(وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٠٤))