يمكن الاستغناء عنها ولو بالصبر ، أما الضرورة فلا يجدي معها شيء الا سدها بالذات.
ثالثا : ان الضرورة هنا غير متحققة إطلاقا ، لا بالنسبة الى القابض ، ولا بالنسبة الى الدافع ، أما القابض أي صاحب المال فلأن المفروض ان لديه ما يقيم به الأود ، ولو يوما واحدا ، وأما الدافع فإن الضرورة إذا سوغت له أخذ المال فإنها لا تسوغ له دفع الربا ، وان اشترط عليه ، لأن الشرط فاسد ، وإذا أخذ منه قهرا عنه فلا يحل للآخذ ، لأنه أكل للمال بالباطل.
رابعا : لو سلمنا جدلا بأن الضرورة ممكنة بالنسبة الى القابض فإنها تسقط الحكم التكليفي دون الوضعي ، فإذا سرق الجائع المضطر رغيفا يسقط عنه العقاب ما في ذلك ريب ، ولكنه مسؤول عن ثمن الرغيف ، وعليه أن يدفعه الى صاحبه عند الميسرة .. ومن أباح أخذ الربا للضرورة لا يوجب رده عند الميسرة الى من أخذ منه.
وتكلمنا عن الربا مفصلا في سورة البقرة الآية ٢٧٥.
(وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ). في هذا دلالة على أمرين : الأول ان أكل الربا معصية لله والرسول. الثاني : ان من يعصي الله والرسول لا تناله رحمة الله بحال.
(وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ). بعد أن نهى سبحانه عن أكل الربا ، وحذر من النار ، ودعا الى التقوى وطاعة الله والرسول ، بعد هذا كله أمر بالمسارعة الى فعل الخير الذي يستوجب رضوان الله وجنته .. ومن أظهر الخيرات والمبرات التراحم والتعاون وانفاق المال لوجه الله تعالى ، كما نصت الآية الآتية .. وقوله (عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) كناية عن السعة.
(الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ