وثوابه هو الجهاد والكفاح ، والصدق والإخلاص والصبر والثبات ، أما بناء المساجد والمعابد ، والصوم والصلاة ، والتلاوة والأوراد ، كل ذلك ، وما اليه ليس بشيء الا إذا كان وسيلة لعمل يجلب للناس نفعا ، أو يدفع عنهم ضرا.
وفي معنى هذه الآية (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا) التي ربطت دخول الجنة بالجهاد والصبر على تحمّل متاعبه ، في معناها آيات كثيرة ، منها الآية ١١٢ من التوبة : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ). والآية ٧٢ من الاسراء : (وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً). وكفى دليلا قاطعا على ذلك قوله تعالى : (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى ، وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى ، ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى) ـ ٤٠ النجم».
ومن أقوال الإمام علي (ع) : حفت الجنة بالمكاره ، وحفت النار بالشهوات .. ليس لأنفسكم ثمن الا الجنة ، فلا تبيعوها الا بها. وسبق الكلام عن ذلك في تفسير الآية ١٥٥ من سورة البقرة ، فقرة «ثمن الجنة».
الشعارات الدينية كالمعابد والصلوات مقدسة ، ما في ذلك ريب .. بل هي ضرورة دينية لا بد منها ، فما من دولة أو فئة يجمعها مبدأ واحد الا ولها شعار يبرز شخصيتها ، ويجمع أشياعها وأتباعها .. ولكن ليست العبرة بالشعار وحده ، بل بما وراء الشعار من فاعلية وأثر ، فليس الغرض من الصلاة مجرد الركوع والسجود ، بل بما تتركه في نفس المصلي من النهي عن الفحشاء والمنكر ، ولا من الجامع أن نجتمع فيه للتهليل والتكبير ، بل لنتآزر ونتعاون مخلصين على ما فيه خير الجميع.
وقد اتخذ كثيرون في عصرنا الشعار الديني أداة للتضليل ، وستارا يخفون وراءه مطامع استعمارية ، وأهدافا صهيونية .. فإن الكثير من الأحزاب والتكتلات التي تحمل اسم الدين أو الثقافة أو الوطنية خرجت من مكاتب الاستخبارات