ومنها التوهم الباطل بأن الأموال تصونهم من عذاب الله وعقابه : (وَقالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) ٣٥ سبأ.
ودفع الله سبحانه هذا التوهم بأن الأموال والأولاد لا يغنيان صاحبهما شيئا ، بل ان الأموال تجعل صاحبها غدا وقودا للنار ، تماما كالحطب والخشب ، وقد يظن أهل الباطل ان لهم من أموالهم وأولادهم حماية ووقاية في هذه الحياة ، حتى إذا وقفوا مع أهل الحق وجها لوجه في ساحة القتال والجهاد استبان لهم عجزهم وضعفهم ، لأن الله يؤيد الصادقين بنصره ، ويذل من هو مسرف كذاب.
ما عرف التاريخ أسوأ وأفدح وأعظم من اسواء أرباب المال والثروات المكدسة في هذا العصر .. انهم يثيرون الفتن والحروب ويدبرون المكائد والمصائد ضد كل حركة تحررية في أي طرف من أطراف العالم .. فيبثون كتائب العملاء ، ووحدات الأساطيل ، وجواسيس المخابرات في كل بقعة من بقاع الأرض ، ليحوّلوا العالم بكامله إلى شركة مساهمة يملكها أصحاب الملايين .. انهم لا يؤمنون بالله ، ولا بالانسانية ، ولا بشيء إلا بالأسهم ، تدفع الشعوب أرباحها من خبزها ودمائها ومستقبلها ، ويستغلون دولهم لاشاعة الرعب والتخويف والضغط الاقتصادي والسياسي على الضعفاء ، ويعملون بكل سبيل لتجزئة البلد الواحد ، وتفتيت الوحدة الوطنية ، ليخضع الجميع لاستثماراتهم واحتكاراتهم .. ومن أجل هذا حرّم الإسلام الاحتكار ، والثراء غير المشروع ، واستخدام القوة والضغط على الضعفاء ، وهدد الذين يكنزون الأموال ولا ينفقونها في سبيل الله ، ووصفهم بالطغاة العتاة.
(كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقابِ). أي ان كثرة المال والولد ليست سببا للفوز والنجاة ، فكثيرا ما تغلّب الفقراء على الأغنياء ، والقلة على الكثرة ، والتاريخ مملوء بالشواهد على هذه الحقيقة .. فلقد كان لفرعون وقومه الجاه والسلطان ، والمال