من تتبع آيات الله سبحانه وأحاديث رسوله (ص) يرى ان للنية تأثيرا عظيما في الحكم على الأقوال والأفعال والرجال ، قال تعالى : (وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها) الخ .. وقال : من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء .. (وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً) ـ ١٩ الأسراء». وقال : (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) ـ ٨٧ الشعراء». وفي الحديث الشريف: لكل امرئ ما نوى .. يحشر الناس على نياتهم .. انما الأعمال بالنيات .. نية المرء خير من عمله.
ولا عجب فان القلب هو الأساس ، فبحركته تبتدئ حياة الإنسان ، وتنتهي بسكونه .. وهو محل الإيمان والجحود ، والخوف والرجاء ، والحب والبغض ، والشجاعة والجبن ، والإخلاص والنفاق ، والقناعة والطمع ، وما الى ذلك من الفضائل والرذائل .. وفي الحديث القدسي : ما وسعتني أرضي ولا سمائي ، ووسعني قلب عبدي المؤمن ، أي أدرك عظمة الله.
فالأعمال كلها تتكيف بحال القلب ، وتنصبغ بصبغته ، لأنه أصلها ومصدرها ، وجاء في تفسير الآية ٨٧ الاسراء : (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ). أي على نيته .. وعلى هذا يستطيع الإنسان ان يختار طريقه بنفسه باختيار مقاصده وأهدافه ـ خيرا أو شرا ـ يختاره من البداية الى النهاية ، كما نستطيع نحن ان نحكم عليه بما يختار هو لنفسه من الأهداف والأغراض.
وقال الوجوديون : لا يمكن الحكم على الإنسان الا بعد أن يعبر آخر مرحلة من مراحل حياته .. ومعنى هذا ان الوجودية يلزمها ان لا تجيز الحكم الا على الأموات .. أما الأحياء فلا يحكم عليهم بخير ولا بشر ، ولا بادانة أو براءة ، مع العلم بأن الوجوديين ، وفي طليعتهم زعيمهم سارتر يحكمون على الأحياء .. ونحن لا ننكر ان الإنسان ما دام في قيد الحياة يمكنه أن يعدّل في أفعاله ، ويصحح من أخطائه ، ولكن هذا لا يمنع أبدا من الحكم عليه بما فيه ، وحسبما يصدر عنه قبل الموت.
وتسأل : لقد سبق منك أكثر من مرة وبمناسبات شتى ان العبرة بالأفعال ،