من تتبع تاريخ المسلمين يرى ان تعاليم الكتاب والسنة قد عملت عملها ، وأثرت أثرها في نفوس الكثير من المسلمين ، حتى أنشأت مجموعة تتمثل فيها مكارم الأخلاق التي بعث الرسول الأعظم لاتمامها .. فلقد كان الجندي البسيط في جيش المسلمين يقع في يده من أسلاب العدو الثمين الغالي ، فيأتي به لأميره يضيفه الى بيت المال ، ولا تحدثه نفسه بشيء منه.
قال ابن الأثير في تاريخه : لما فتح المسلمون المدائن كان قائد الجيش سعد بن أبي وقاص ، فعيّن سعد عمر بن مقرن ليقبض من الجنود الأسلاب والغنائم ، وكان يسمى هذا الموظف صاحب الأقباض ، وقد أتاه فيمن أتاه من الجنود رجل ، وسلمه تمثالين ليضمهما الى الغنائم ، وكان أحد التمثالين فرسا من ذهب مرصعا بالزمرد والياقوت ، وعليه فارس مكلل بالجوهر .. والتمثال الثاني ناقة من فضة مرصعة بالياقوت ، ولها لجام من ذهب مكلل بالجوهر .. وكان كسرى يضع التمثالين على تاجه.
ولما رأى صاحب الأقباض التمثالين أخذته الدهشة ، وقال : ما رأينا مثلهما .. ان كل ما عندنا لا يعادلهما ، بل لا يقاربهما .. ثم قال للرجل : من أنت؟. فقال له : لا أخبرك ، ولا أخبر أحدا ، ليحمدني ، ولكني أحمد الله وحده ، وأرضى بثوابه ، ولا أبتغي شيئا سواه .. ثم مضى لسبيله .. فأتبعه صاحب الأقباض رجلا ، حتى انتهى الى أصحابه ، فسأل عنه ، فإذا هو عامر بن عبد قيس.
ان هذه الحكاية أشبه بالأساطير .. ولكن الإسلام إذا وجد قلبا طيبا أتى بالعجب العجاب ، تماما كالبذر الصالح الطيب في الأرض الصالحة الطيبة .. أما الأرض الخبيثة فلا تأتي بخير ، وان طاب البذر ، وكثر السقي : (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً) ـ ٥٧ الاعراف».
(أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللهِ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ). هذه الآية نظير الآية ٢٨ من سورة ص : (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ) .. قال الإمام أمير المؤمنين