وتسأل : ان الشهوة تتضمن معنى الحب ، كما ان الحب يتضمن معنى الشهوة ، وعليه يكون معنى الآية ان الناس يحبون الحب ، ويشتهون الشهوة .. ومثل هذا ليس بمستقيم ، وكلام الله يجب أن يحمل على أحسن المحامل؟.
الجواب : ان حب الإنسان للشيء على نوعين : الأول أن يحبه ، ولا يحب ان يحبه ، أي انه يود من أعماق نفسه لو انقلب حبه لهذا الشيء كرها وبغضا ، كمن اعتاد على مشروب ضار ، وهذا يوشك أن يرجع عن حبه يوما ..
النوع الثاني : ان يحب الشيء ، وهو راض ، ومغتبط بهذا الحب ، كمن اعتاد على فعل الخير ، قال تعالى حكاية عن سليمان : (إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ) ـ ٣٢ صاد. وهذا أقصى درجات الحب ، وصاحبه لا يكاد يرجع عنه.
والقناطير المقنطرة كناية عن الكثرة ، وفي الحديث : لو كان لابن آدم واديان من ذهب لتمنى لهما ثالثا ، ولا يملأ جوفه إلا التراب .. اما الخيل المسومة فقيل : هي الراعية من السوم. وقيل : المعلّمة بالزينات. والأرجح انها المطهمة الحسان. وبديهة ان زمن الخيل قد ولّى ، وجاء زمن السيارة والطيارة .. والمراد بالانعام الإبل والبقر والغنم .. وهذه أيضا قد ذهب التكاثر والتفاخر بها ، وجاء زمن المصانع وناطحات السحاب .. والحرث الزرع على اختلاف أنواعه.
وحب الثلاثة : النساء والبنين والأموال لا يختص بعصر دون عصر ، بل هي شهوة كل النفوس في كل عصر ، أما حب الخيل والانعام والحرث فقد خصها الله بالذكر لأنها كانت مثلا أعلى للرغائب في ذاك العصر.
وقد أطال كثير من المفسرين ، ومنهم الرازي وصاحب المنار ، أطالوا في ذكر ما لكل واحد من الأنواع الستة من اللذة والمتعة .. ولكنهم أتوا بالبديهيات التي يعرفها ويحسها الجميع ، لذا لم نشغل أنفسنا والقارئ بها .. ورأينا من الأفضل ان نتكلم عن السعادة في الفقرة التالية.
يرى بعض المؤلفين ان السعادة تتم للإنسان إذا توافرت له هذه الأركان