هذه المنقبة لهم في اللوح المحفوظ ، وفي كتابه الذي يتلو آياته أهل الأرض إلى يوم يبعثون.
(إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ). كل من أطاع الله فهو من أوليائه ، وكل من استجاب الى الشيطان فهو من أوليائه ، والله يأمر أولياءه بالخير ، ويرغبهم فيه ، وينهاهم عن الشر ، ويحذرهم منه ، أما الشيطان فانه على العكس ، يأمر أولياءه بالشر ويغريهم به ، وينهاهم عن الخير ، ويخوفهم منه. وقال الحافظ المفسر محمد بن أحمد الكلبي ، في تفسير التسهيل : المراد بالشيطان هنا أبو سفيان أو الذي أرسله أبو سفيان أو إبليس.
وقول من قال للمؤمنين : (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ) هو من وحي الشيطان وتخويفه فلا يصغي اليه الا أولياؤه الذين يطيعونه ، أما أولياء الرحمن فلا يزيدهم هذا القول الا ايمانا بالجهاد والفداء من أجل الإسلام ونبي الإسلام. وعلى ما قدمنا يكون معنى : (الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ) انهم يطيعونه إذا خوفهم ، أما أولياء الله فلا يخافون الشيطان إذا خوّفهم ، ومعنى (فَلا تَخافُوهُمْ) لا تخافوا المشركين فإنهم أولياء الشيطان ، وهو يحاول أن يجعلهم مصدر الخوف والرعب ، ويضيف عليهم سمة القوة والرهبة ليخلو لهم الجو ، ويعثوا فسادا في الأرض .. والمؤمن لا يخاف الا الله وحده.
للشيطان أسماء كثيرة ، منها اللعين والرجيم ، والغاوي والغرور ، ويمكن تسميته بالشحاذ المتسول ، لأنه يقف على باب القلب يستعطف ، ويقرعه برفق ولين طالبا الاذن بالدخول .. فإذا أبطأت عليه تضرع وتملق بكلمات معسولة .. ويكتفي منك ان توارب الباب ، ولو قليلا .. فإذا فعلت دخل ، وأخرج من محفظته الغواية والخداع ، والوهم والإغراء ، وشرع بتمويه الحقائق وتشويهها ، وتزيين القبائح وتحسينها ، وصوّر عمل الخير شرا ، وجهاد المبطلين كفرا ، وسلم المحقين حربا ، والمنكر معروفا ، والمعروف منكرا ، وألبس الخائن ثوب المصلح ، والمخلص ثوب المفسد ، الى غير ذلك من حيله وأضاليله.