وأجدى وسيلة يتوصل بها الى مآربه تجسيم الخوف من قوة أوليائه الذين يقضون لباناته ، ويحققون غاياته .. ان الشيطان مهندس ومشرّع ، أما قوته المنفذة فهم شيعته الذين ينشرون في الأرض الفساد والضلال.
ومن أجل هذا يضخم من شأنهم ، ويمهد لهم سبيل السيطرة والنفوذ ، ويلبسهم لباس العزة والقدرة ، كي لا يرتفع في وجوههم صوت ، أو يفكر في الانتقاض عليهم أحد .. فيضعف سلطانه بضعفهم ، وينقطع رجاؤه من الشر والفساد بانقطاع آثارهم.
والخلاصة ان من خاف اهل الفساد والضلال ، وهادن واحدا منهم فقد هادن الفساد والضلال بالذات ، ووقّع معاهدة الحب والإخاء بينه وبين الشيطان .. وهذا مقياس لا يخطئ أبدا في الفصل والتمييز بين من يدعي الايمان بالله والخوف منه ، وبين من يوالي الشيطان ، ويؤثر طاعته على طاعة الله. ولا شيء أدل على هذه الحقيقة من قوله سبحانه : (فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ). فإن معناه من ترك جهاد أهل الفساد والضلال خوفا منهم فهو من أولياء الشيطان ، وليس من الله في شيء .. وقريب من هذه الآية قول الرسول الأعظم (ص) : الساكت عن الحق شيطان أخرس.
(وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (١٧٦) إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيْمانِ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٧٧) وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (١٧٨))