والله سبحانه قد جرى مع الكافرين على سنته في الناس أجمعين ، أمهل من أمهل باطالة العمر ، ليصيب من هذه الحياة ما يختاره لنفسه من خير أو شر ، ولكن الكافر اغتر بالامهال ، واسترسل في البغي ، فكانت النتيجة من إمهاله شقاءه وعذابه ، على العكس من المؤمن إذا انسأ الله في أجله ، حيث تزداد خيراته ، وتكثر حسناته ، بل من أحسن فيما بقي من عمره لم يؤاخذ بما مضى من ذنبه ، كما جاء في الحديث الشريف .. ومن هذا يتبين ان اللام في قوله تعالى : (لِيَزْدادُوا) هي للعاقبة لا للتعليل.
وتسأل : ان بعض الكفار يعملون الخير لوجه الخير ، وكلما طالت أعمارهم ازدادوا نفعا للانسانية بعلومهم وجهودهم الخالصة من كل شائبة .. وهذا يتنافى مع ظاهر قوله تعالى: (إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً)؟
الجواب : ان سياق الآية يحدد المراد من الإثم فيها ، وانه خصوص الكفر ، وانهم من هذه الحيثية يزدادون كفرا ، لا من جميع الجهات ، إذ قد يكونون محسنين في بعض أعمالهم.
سؤال ثان : هل يثاب الكافر إذا أحسن ونفع الناس ، أم ان عمله هذا وعدمه سواء؟.
الجواب : ان الإنسان بالنظر الى الايمان والعمل الصالح لا يخلو أن يكون واحدا من أربعة :
١ ـ ان يؤمن ويعمل صالحا ، وينطبق على هذا قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) ـ ٣٠ فصلت».
٢ ـ ان لا يؤمن ولا يعمل صالحا .. وهذا من الذين : (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللهِ أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ) ـ ١٩ المجادلة».