(سَنَكْتُبُ ما قالُوا). هذا تهديد ووعيد للذين قالوا : (إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ) لأن كتابة الذنب تستدعي العقوبة عليه. (وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ). ونكتب قتل أسلافهم للأنبياء ، ونسب اليهم القتل مع ان القاتل أسلافهم ، لأن الخلف راض بما فعل السلف .. وسبق الشرح عند تفسير الآية ٢١ من هذه السورة.
(ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ). وكيف يظلم وقد نهى عن الظلم ، واعتبره أكبر الكبائر ، وعبر عنه بالكفر في أكثر من آية؟. هذا ، الى ان الظالم انما يظلم لأنه مفتقر الى الظلم ، والله غني عن كل شيء .. وبهذا الأصل ، وهو غنى الله وعدم افتقاره الى شيء نثبت عدله سبحانه ، وأيضا نثبت انه ليس بجسم ، لأن الجسم يفتقر الى حيز.
وبهذا يتبين معنا بطلان مذهب القائلين بأن الشر من الله ، وانه يخلق المعصية في العبد ، ثم يعاقبه عليها .. اللهم الا ان يبرروا مذهبهم بأنه جل وعز قال : ان الله ليس بظلّام ، ولم يقل ليس بظالم ، ومعلوم ان ظلّام من أمثلة الكثرة والمبالغة .. وعليه فإن الله سبحانه نفى عنه كثرة الظلم والمبالغة فيه ، لا أصل الظلم .. تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا.
(الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ عَهِدَ إِلَيْنا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٨٣) فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جاؤُ بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتابِ الْمُنِيرِ)