ونختم هذه السورة الكريمة بكلمة موجزة عن التقوى. سئل الإمام جعفر الصادق (ع) عن التقوى؟ فقال : ان لا يفقدك الله حيث أمرك ، ولا يجدك حيث نهاك .. اذن لا بد في التقوى من العلم بأحكام الله ، والعمل بها لوجه الله ، لأن العلم بلا عمل حجة على صاحبه ، والعمل بلا علم كالسير على غير الطريق ، وعلى هذا الأساس تكون التقوى هي الدين والأخلاق ، وأساس الفضائل .. قال رسول الله (ص) : «لا تقولوا : ان محمدا منا ، فوالله ما أوليائي منكم ولا من غيركم إلا المتقون». وقوله (ص) : ولا من غيركم يشعر بأن غير المسلم إذا سلم الناس من يده ولسانه أقرب الى محمد (ص) ممن انتسب الى الإسلام ، ولم يكف أذاه عن الناس.
وجاء في القرآن الكريم العديد من الآيات في ان الفوز والنجاة غدا للمتقين وحدهم .. وفي الأساطير حكاية تومئ إلى هذه الحقيقة ، وهي ان رجلا كان في قديم الزمان يكثر من قول : الحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين .. فاغتاظ إبليس من ذلك ، وأرسل اليه بعض شياطينه ، فذهب اليه ، وقال له : قل : العاقبة للأغنياء. فقال : الرجل : كلا ، العاقبة للمتقين. ولما كثر بينهما الجدال اتفقا على أن يتحاكما إلى أول من يطلع عليهما ، ومن حكم عليه تقطع يده. فلقيا شخصا ، فأخبراه. فقال : العاقبة للأغنياء ، لا للمتقين. فقطعت يد الرجل ، فرجع ، وهو يكرر القول : الحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين. فجاء الشيطان ثانية ، وقال له : ألم تتعظ؟ قال : كلا ، قال الشيطان : أحاكمك على اليد الأخرى. قال : أجل ، فطلع شخص ، وتحاكما اليه ، فحكم ان العاقبة للأغنياء لا للمتقين. فقطعت يده الثانية. وعاد يكرر أكثر من الأول : الحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين .. وحينئذ قال له الشيطان : أحاكمك الآن على ضرب العنق. قال الرجل : نعم. وإذا بفارس مقبل ، فتحاكما اليه ، بعد ان قصا عليه القصة. فأخذ السيف ، وقطع عنق الشيطان ، وقال له : هذه عاقبة المفسدين. وأعاد الله للرجل يديه كما كانتا .. وتحقق ما قال من أن العاقبة للمتقين ، ولكن بعد الصبر ، وقطع اليمين واليسار .. ومحال ان يصل الإنسان الى ما يبتغي الا بالصبر وتحمل المشاق.