الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) ـ ٥٣ فصلت. أما شهادة الملائكة لله بالوحدانية فلأنهم مفطورون على الايمان. والمراد بأولي العلم هنا الأنبياء وجميع العلماء بالله الذين أقامهم مقام الأنبياء في الدعوة اليه سبحانه ، وشهادة العالم تقترن بالحجة التي من شأنها أن تقنع طالب الحقيقة ، والمراد بالقسط في قوله : (قائِماً بِالْقِسْطِ) العدل في الدين والشريعة ، وفي سنن الطبيعة ونظامها ، قال تعالى : (وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ) ـ ١٦ الأنبياء».
وتسأل : ما هو الغرض من تكرار (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) في آية واحدة؟.
الجواب : ان المعروف من طريقة القرآن أن يكرر ويؤكد أصول العقيدة والمبادئ الهامة بخاصة الوحدانية دفعا لكل شبهة ، وتكلمنا عن التكرار بفقرة مستقلة عند تفسير الآية ٤٨ من سورة البقرة ، وقيل : ان الغرض من قوله أولا : لا إله إلا هو ان يعلم انه هو وحده يستحق العبادة ، ومن قوله ثانية : لا إله إلا هو ان يعلم انه لا أحد يقوم بالعدل سواه.
وتسأل : ان ظاهر هذه الآية يدل على ان جميع أديان الأنبياء ، حتى دين ابراهيم وغيره من الأنبياء ليست بشيء عند الله الا دين محمد فقط ، مع العلم بأن كل ما جاء به الأنبياء حق وصدق باعتراف محمد (ص) والقرآن؟.
الجواب : ان هذه الآية تدل تماما على العكس مما تقول ، فإن ظاهرها ينطق بلسان مبين أن كل دين جاء به نبي من الأنبياء السابقين يتضمن في جوهره الدعوة الاسلامية التي دعا اليها محمد بن عبد الله (ص). واليك هذه الحقائق الثلاث :
١ ـ ان الإسلام يرتكز قبل كل شيء على أصول ثلاثة : الايمان بالله ووحدانيته ، والوحي وعصمته ، والبعث وجزائه .. وكلنا يعلم علم اليقين ، ويؤمن ايمانا لا يشوبه ريب بأن الله سبحانه ما أرسل نبيا من الأنبياء الا بهذه الأصول ، لاستحالة تبديلها أو تعديلها ، ولذا قال الرسول الأعظم (ص) : «إنّا معاشر