ثمانين جلدة .. وان دل هذا على شيء فإنما يدل ان الأولى بالإنسان ان لا ينقب عن عيوب الناس ، ويكشف أسرارهم ، لأن كشف العيوب يؤدي الى فساد المجتمع ، ويعرض الأسرة الى الضياع والشتات.
(فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ). أي إذا ثبت الزنا على المرأة حبست في بيتها ، حتى الموت عقوبة لها (أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً). يشير الى أن الله سبحانه لم يجعل هذه العقوبة حكما دائما ، بل جعلها لفترة معينة ، ثم يحدث التشريع النهائي ، وهكذا كان ، حيث نسخت هذه الآية ، وجعل الرجم عقوبة الزنا ان حصل من متزوج أو متزوجة ، ومائة جلدة ان حصل من أعزب أو عزبة ، ويأتي التفصيل في سورة النور ان شاء الله.
(وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما). اختلف المفسرون في المراد من (اللذان). والأكثر على أنهما الزاني والزانية ، ويلاحظ على هذا القول انه خلاف الظاهر ، لأن (اللذان) للمثنى المذكر ، ولأن الزانية تقدم حكمها ، ولا موجب للتكرار من غير فاصل ، والصحيح ان المراد بهما الرجلان : الفاعل والمفعول ، لظاهر لفظ (اللذان) ولفظ منكم ، أي من رجالكم كما في قوله تعالى (أَرْبَعَةً مِنْكُمْ). وعقوبة اللواط الإيذاء ، ومنه التأنيب والتوبيخ ، ونسخت هذه العقوبة ، كما نسخت عقوبة الزانية التي هي السجن المؤبد ، وأصبحت عقوبة كل من الفاعل والمفعول الضرب بالسيف حتى الموت ، أو الإحراق بالنار ، أو الإلقاء من شاهق بعد تكتيف اليدين والرجلين ، أو هدم جدار عليه ، لأنه لا جريمة أسوأ أثرا من الفعل الشنيع الذي يسلب الإنسان انسانيته ، ويقلب حقيقته رأسا على عقب ، وقديما قيل : لو نكح الأسد في دبره لذل.
(فَإِنْ تابا وَأَصْلَحا فَأَعْرِضُوا عَنْهُما). أي لا تكفوا عن إيذاء هذا المجرم بمجرد قوله: تبت واستغفر الله ما لم تثبت توبته النصوحة بعمله وحسن سلوكه.
(إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ