وفي رأينا ان الزوج لا يحل له ان يعضل زوجته من أجل المال إلا إذا زنت ، ويحرم عليه ذلك فيما عدا الزنا ، مهما كان الذنب وقوفا عند اليقين من المعنى المراد من الآية .. هذا ، الى ان اقتراف الذنوب لا يحلل ولا يبرر أكل أموال المذنبين ، والا اختل النظام ، وعمت الفوضى .. ولمن يحل مال المذنب؟ ألمذنب مثله ، أم لمعصوم عن الذنب؟ والأول ماله حلال ، فكيف يستحل مال الغير؟ والثاني أين هو؟.
وتجدر الاشارة الى أن القاضي لا يجوز له أن يحكم بسقوط مهر الزوجة التي ثبت عليها الزنا ، لأن جواز العضل والأخذ خاص بالزوج بينه وبين ربه .. وبتعبير الفقهاء : للزوج أن يأخذ المهر في مثل هذه الحال ديانة لا قضاء.
(فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً). قد يكره الرجل من زوجته بعض صفاتها ، ولا يصبر عليها ، فيطلقها ويتزوج بأخرى ، فإذا هي أسوأ حالا ، وأقبح أعمالا ، فيندم حيث لا ينفع الندم .. قال صاحب الأغاني : طلق الفرزدق النوال ، ثم ندم ، وتزوج بعدها امرأة مطلقة ، وكان يسمعها تئن وتحن الى زوجها الأول ، وتعدد وتردد ، فأنشأ يقول :
على زوجها الماضي تنوح وانني |
|
على زوجتي الأخرى كذلك أنوح |
وقد رأيت أكثر من واحد لا يملك قوت يومه ، ويعيش كلا على غيره قد تهيأ له عمل يقيم الأود ، ويسد الحاجة ، ويغني عن الغير ، فرفضه تعاليا عنه ، وطلبا لما هو أعلى وأسمى ، فابتلاه الله بأسوأ مما كان فيه تأديبا له ، وعقابا على ترفعه وتعاليه .. فتقطعت نفسه حسرات على ما ذهب وفات .. ولكن حيث لا ينفع الندم ، ومن الأمثال الشائعة في جبل عامل : (من طلبه كله فاته كله).
كما رأيت الكثير من حملة الشهادات العالية قد رضوا بما تيسر ، وقنعوا بوظيفة