والأولى أن نفسر الإفضاء بالفضل ، طبقا لقوله تعالى : (وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ) ـ ٢٣٧ البقرة» ، أي احسان كل من الزوجين للآخر .. فقد ذكّر الله بقوله : (أَفْضى بَعْضُكُمْ) ذكّر الزوج بما كان بينه وبين زوجته من قبل ليكون معها عند الطلاق ، كما كان قبل الطلاق.
(وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً). حدد الله سبحانه عقد الزواج بألفاظ ذكرها في كتابه العزيز ، وأوجب الوقوف عندها ، والتعبد بها تماما كألفاظ العبادة ، وأضفى على عقد الزواج من القداسة ما أبعده عن كل العقود ، كعقد البيع والاجارة ، وما اليهما ، لأن البيع مبادلة مال بمال ، أما الزواج فمبادلة روح بروح ، وعقده عقد رحمة ومودة ، لا عقد تمليك للجسم بدلا عن المال ، قال الفقهاء : ان عقد الزواج أقرب إلى العبادات منه إلى عقود المعاملات والمعاوضات ، ومن أجل هذا يجرونه على اسم الله ، وكتاب الله ، وسنة رسول الله (ص) .. وقال الشيخ محمود شلتوت : «إذا تنبهنا إلى أن كلمة ميثاق لم ترد في القرآن الكريم إلا تعبيرا عما بين الله وعباده من موجبات التوحيد ، والتزام الأحكام ، وعما بين الدولة والدولة من الشؤون العامة الخطيرة علمنا مقدار المكانة التي سما القرآن بعقد الزواج اليها ، وإذا تنبهنا مرة أخرى إلى أن وصف الميثاق «بالغليظ» لم يرد في موضع من مواضعه إلا في عقد الزواج تضاعف لدينا سمو هذه المكانة التي رفع القرآن اليها هذه الرابطة السامية عن كل ما اطلق عليه كلمة ميثاق».
(وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلاَّ ما قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَمَقْتاً وَساءَ سَبِيلاً (٢٢) حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ