سؤال ثالث : ان قتل الأنبياء لا يكون الا بغير حق ، فما الفائدة من هذا القيد؟.
الجواب : للاشارة الى أن فظاعة قتل الأنبياء لم تكن لمكانتهم وعظمتهم ، بل لأنه لا مبرر له إطلاقا .. وبكلمة ان المسألة ليست مسألة أشخاص وفئات ، وانما هي مسألة حق وعدم حق.
(أُولئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ). أما الحبط في الدنيا فلأنهم ملعونون على كل لسان ، لما تركوه من سوء الآثار ، وأما في الآخرة فلأنهم معاقبون.
ذكر الفقهاء للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شروطا ، منها أن لا يخاف الآمر الضرر على نفسه وأهله وماله .. وبعض الفقهاء أنكر هذا الشرط ، وأوجب الأمر بالمعروف ، وان أدى الى القتل ، واستدل بهذه الآية ، ووجه الدلالة بزعمه ان الأنبياء قد أمروا بالمعروف ، ونهوا عن المنكر ، وقتلوا في هذه السبيل بشهادة القرآن الكريم.
والذي نراه ان للأنبياء في التبليغ عن الله شأنا غير شأن العلماء ، لأنهم يقدمون ويحجمون بوحي من الله سبحانه ، فإذا قتلوا في سبيل التبليغ فإنهم قد أقدموا بأمر منه تعالى ، أما العلماء فيعتمدون على ما يفهمونه من مدارك الأحكام ومصادرها ، والذي نفهمه نحن من هذه الأدلة والمصادر ان أي انسان يسوغ له السكوت عن المنكر إذا غلب على ظنه ان الإنكار لا يحقق أية فائدة دينية ، وفي الوقت نفسه يؤدي الى المضرة والمفسدة.
أما إذا غلب على ظنه ان وجود المنفعة الدينية من الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، مع تضرره منه فتجب ، والحال هذه ، المقارنة بين دفع الضرر عن النفس ، وبين المنفعة المترتبة على الأمر والنهي ، فإن كانت المنفعة الدينية أهم ، كالقضاء على الكفر والظلم والفساد في الأرض جاز تحمّل الضرر في هذه السبيل ،