(وَيَكْتُمُونَ ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ). وفضل الله سبحانه يشمل كل نعمة ، ومنها المال والعلم. وكتمان العلم محرم ، ونشره واجب ، ولكن بأسلوب يبشر ولا ينفر ، ويقرب ولا يبعد ، لأن العلم وسيلة ، والعمل هو الغاية.
وقال بعض العلماء : ان الغني إذا كتم غناه ، وتفاقر أمام الناس فقد فعل محرما ، واستدل بهذه الآية ، وبقوله تعالى : (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) ـ ١١ الضحى». وفي الحديث : إذا أنعم الله على عبد نعمة أحب ان يرى أثر نعمته عليه.
(وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً). سياق الآية يدل على ان المراد بالكافرين هنا الذين كتموا فضل الله ونعمته ، وعن الإمام موسى بن جعفر الصادق (ع) انه قال : التحدث بنعم الله شكر ، وترك ذلك كفر. وفي الآية ٧ من سورة ابراهيم : (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ). وعلى هذا يحمل الكفر في الآية على كفران النعم ، لا على الكفر بمعنى جحود الالوهية.
(وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ). سبقت هذه الآية مع تفسيرها في سورة البقرة ، الآية ٢٦٤. ويتلخص المعنى بأن الذي ينفق ماله رياء ، والذي يبخل به سواء عند الله ، وربما كان المرائي أسوأ حالا ، لأنه أشبه بالكافر الذي لا يعمل لله.
كل ما يزين فعل الغواية ، ويغري بالفساد والضلال فلك ان تسميه شيطانا ، خاطرا كان ، أو إنسانا ، أو أي شيء ؛ فلفظ الشيطان رمز لكل غوي مضل ، يخفي حقيقته في أثواب الصالحين ، ومن أجل هذا نرى كثيرا من الناس يقولون ويفعلون بوحي من الشيطان وغوايته ، وهم يحسبون انه وحي من الله وهدايته .. وأقرب المقربين لدى الشيطان من وثق الناس بقداسته ، ولم يعرفوا شيئا عن حقيقته ، وهذا هو المقصود بقوله تعالى : (وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً فَساءَ قَرِيناً). وبقوله : (وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْراناً مُبِيناً) ـ ١٢٠) النساء).