(وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ).
اضطربت أقوال المفسرين في هذه الآية ، حتى قال الشيخ محمد عبده : «طالعت في تفسيرها خمسة وعشرين تفسيرا ، فلم أجد فيها غناء ، ولا رأيت قولا يسلم من التكلف». وقال الألوسي في روح البيان : «ان هذه الآية من المعضلات». وراجعنا نحن حوالي عشرين تفسيرا للسنة والشيعة ، وأكثر أصحابها نقل العديد من تفاسير الآية ، فرأينا الأمر كما قال الشيخ محمد عبده ، ولكن لم نر في الآية أية مشكلة أو معضلة ، كما رأى الألوسي .. وبعد وثوقنا من معناها ، وركوننا الى المراد منها حاولنا إيضاحه بالأسلوب التالي:
لقد ذكر سبحانه في الآية أربعة أصناف ، وهم المرضى ، والمسافرون ، والذين جاءوا من الغائط ، والذين لامسوا النساء ، وأوجب عليهم أن يلجئوا الى التيمم عند عدم وجود الماء ، لأن الأمر بالتيمم وقع جوابا لفعل الشرط المتضمن للأصناف الأربعة.
ومن المتسالم عليه عند جميع المذاهب ان ظاهر القرآن لا يجوز الاعتماد عليه ، بخاصة في استخراج الأحكام الشرعية إلا بعد الرجوع الى السنة النبوية ، لأنها أحد مصادر الشريعة ، كما أنها تفسير وبيان للقرآن بنص الآية ٧ من سورة الحشر : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ). وعليه ، فإذا لم يوجد في السنة النبوية ما يصرف لفظ الآية عن ظاهره وجب العمل به ، وإلا وجب العمل بما نستفيده من الكتاب والسنة مجتمعين ، لأنهما يصدران من معين واحد ، وهو الوحي.
ونتكلم فيما يلي عن كل واحد من الأصناف الأربعة الذين ذكرتهم الآية ، ومنه يتضح الجواب عن هذا التساؤل : هل في السنة النبوية ما يتنافى مع ظاهر الآية بالنسبة الى كل واحد من هذه الأصناف؟.
١ ـ المريض ، وظاهر الآية يدل على انه يتيمم إذا لم يجد الماء ، وقد أجمع الفقهاء على العمل بهذا الظاهر ، لأن الصحيح يتيمم مع عدم وجود الماء فبالأولى