الإعراب :
المصدر المنسبك من أن تؤدوا في محل جر بالباء المحذوفة ، والتقدير يأمركم بتأدية الأمانة. وإذا حكمتم معطوف على يأمركم ، والمعنى ويأمركم إذا حكمتم أن تحكموا بالعدل. ونعما نعم فعل ماض ، ومعناها المدح. وما محل نصب على التمييز بمعنى شيئا ، وهي مفسرة للضمير المستتر في نعم ، والتقدير نعم الشيء شيئا. والمخصوص بالمدح محذوف خبر لمبتدأ محذوف ، والتقدير هو تأدية الأمانة والعدل في الحكومات. وجملة يعظكم صفة لما. والجملة من نعم وما بعدها خبر انّ. وذلك مبتدأ. وخير خبر ، وأحسن معطوف على خير. وتأويلا تمييز.
المعنى :
(إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها). لقد تضمنت الآيتان وجوب تأدية الأمانة ، والعدل في الحكم ، واطاعة الله والرسول وأولي الأمر .. وقد جاء في الكتاب والسنة العديد من الآيات والروايات في الحث على حفظ الأمانة وأدائها لصاحبها برا كان أو فاجرا ، لأنها حق له بما هو انسان ، لا بما هو صالح أو طالح ، فمن القرآن هذه الآية : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ). ومنه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ) ـ ٢٧ الأنفال». ومن الروايات : «لا ايمان لمن لا أمانة له ، ولا دين لمن لا عهد له». ولكن لم يرد في الكتاب والسنة ـ على ما نعلم ـ تحديد لمعنى الأمانة.
والذي نفهمه ان الأمانة هي الوديعة عندك لغيرك .. وعليك أن تحتفظ بها وتحرص عليها ، وان تردها لصاحبها عند طلبها ، كما هي ، فإذا أمسكتها عنه ، أو رددتها ناقصة محرفة فأنت خائن بحكم الكتاب والسنة.
وليس من الضروري أن تكون الأمانة عينا حسية ، كالمال والكتاب ، فقد تكون سرا ، أو نصيحة ، أو عملا .. وأيضا ليس من الضروري أن يكون صاحبها الذي أن تؤديها له شخصا حقيقيا ، فقد يكون الدين أو العلم ، بل قد