الأقل ـ وأيضا استدل بها جماعة من الفقهاء على أن مصادر الشريعة وأصولها تنحصر بأربعة ، وهي : كتاب الله لقوله تعالى : (أَطِيعُوا اللهَ). والسنة النبوية لقوله : وأطيعوا الرسول. والإجماع لقوله : وأولي الأمر منكم. والقياس لقوله : فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول ، حيث زعموا ان المعنى قيسوا ما لا نص فيه على نظيره الذي فيه نص من الكتاب والسنة ، ويأتي البيان عن ذلك ، ولا خلاف في ان الكتاب والسنة هما الأصلان الأساسيان للتشريع ، أما الإجماع والقياس فقد اختلفوا في حجيتهما ، وفي دلالة الآية عليهما. وفيما يلي نعرض الجهات التي تضمنتها الآية ، والآراء التي قبلت حولها.
١ ـ لا يختلف اثنان من المسلمين في أن اطاعة الله والرسول انما تكون بالعمل بكتاب الله وسنة نبيه ، وانهما وسيلتان للتعبير عن شيء واحد ، (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) ـ ٨٠ النساء». (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) ـ ٧ الحشر». (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) ـ ٥ النجم». ومن هنا اتفق المسلمون قولا واحدا على رفض كل ما ينسب الى النبي (ص) إذا تنافى مع مبدأ من مبادئ القرآن وحكم من أحكامه.
وتسأل : لما ذا كرر لفظ الاطاعة عند ذكر الرسول ، ولم يكررها عند ذكر أولي الأمر؟.
الجواب : للتنبيه على ان اطاعة الرسول أصل بذاته ، تماما كإطاعة الله ، ومن هنا كان قول كل منهما مصدرا من مصادر الشريعة ، وليس كذلك اطاعة أولي الأمر .. انها فرع وتبع لاطاعة الله والرسول ، ان اولي الأمر رواة عن الرسول.
٢ ـ ان لفظ منكم يدل بوضوح على ان حاكم المسلمين يجب أن يكون منهم ، ولا يجوز إطلاقا ان يكون من غيرهم ، ويؤيد ذلك قوله تعالى : (وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) ـ ١٤١ النساء».
٣ ـ اختلفوا في المراد من أولي الأمر بعد اتفاقهم على شرط الإسلام ، فمن قائل : انهم الخلفاء الراشدون. وقائل : انهم قادة الجيش. وقال ثالث : هم علماء الدين. وقال الشيخ محمد عبده : هم الأمراء والحكام والعلماء ورؤساء الجند ، وسائر الزعماء الذين يرجع اليهم الناس في الحاجات والمصالح ، فإذا اتفق