آثار الشيء المملوك هي قدرة المالك على التصرف فيه ، ولا أحد يقدر على شيء ، أو يملك شيئا إلا أن يملكه الله إياه ، ويمنحه القدرة عليه .. شأن الممكن مع الواجب : (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ). (تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ). وقد أعطاه المسلمين الأول ، حين استجابوا لدعوة الإسلام ، وبه كانوا يعملون. (وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ). نزعه من الفرس والروم لكفرهم بالله والحق. (وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ). وهم المسلمون. (وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ). الفرس والروم ومشركو العرب. (بِيَدِكَ الْخَيْرُ). المراد بيد الله قدرته ، والخير يشمل كل ما فيه منفعة محللة معنوية كانت أو مادية ، وقد ساق الله للمسلمين خيرا كثيرا ببركة الإسلام. (إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ). ومن دلائل قدرته سبحانه انه نزع الملك من الأقوياء ، وأعطاه للضعفاء.
(تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ). حيث تتحرك الأفلاك بقدرته وعنايته ، ويدور بعضها حول بعض ، فتتعدد الفصول ، ويأخذ الليل من النهار في فصل ، حتى يصير ١٥ ساعة ، والنهار ٩ ساعات ، ويأخذ النهار من الليل في فصل ، حتى يصير ١٥ ساعة ، والليل ٩. (وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ). من ذلك إخراج المؤمن من الكافر ، والعزيز من الذليل. (وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ). ومنه إخراج الكافر من المؤمن ، والذليل من العزيز. (تَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ). تماما كما رزق المسلمين الأول الملك وعلو الشأن ببركة الإسلام.
وإذا سألت : هل ملك الحاكم الجائر وسلطانه من الله ، وبإرادته ومشيئته؟. فإنك تجد الجواب عن سؤالك هذا في تفسير الآية ٢٤٦ من سورة البقرة.
وبعد ، فإن ظاهر الآية يعزز ما قاله جماعة من المفسرين في سبب نزولها ، وخلاصته ان رسول الله (ص) لما خط الخندق عام الأحزاب بإشارة سلمان الفارسي قطع لكل عشرة من أصحابه أربعين ذراعا ، وكان سلمان رجلا قويا ، فأراد الأنصار أن يكون معهم في الحفر ، وقالوا : سلمان منا. وأراده المهاجرون ، وقالوا : بل سلمان منا. فقال النبي كلمته المتواترة : سلمان منا أهل البيت ، وبينما سلمان يحفر إذ اعترضته صخرة لا تعمل المعاول فيها شيئا ، فرفع الأمر إلى رسول الله (ص) ، فأخذ المعول من يد سلمان ، وفتت الصخرة بثلاث ضربات