الفاء ، والمصدر المنسبك معطوف على مصدر متصيد من معنى ليتني كنت معهم ، أي ليت كان لي الحضور معهم فأفوز.
المعنى :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ). هذه الآية من آيات الحث على الجهاد ، وسبق منها كثير ، وما يأتي أكثر ، ولكن هذه الآية توجب النفير العام ، وحشد الأمة كلها الى الحرب ، ان أحوج الحال .. وان دل هذا الاهتمام على شيء فإنما يدل على ما كان للإسلام من أعداء ، يدبرون له المكائد والمصائد ، وما للمسلمين من خصوم يناصبونهم ويفتنونهم عن دينهم .. والى اليوم يقاسي الإسلام والمسلمون الكثير من أهل الكفر والطغيان ، فمن الطبيعي ـ اذن ـ ان يحث الله سبحانه المسلمين على الحذر والتعرف على قوة العدو والاستعداد له بسلاح أمضى وأقوى.
(فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً). انفروا أمر بالخروج للحرب ، وثبات أي فصائل وفرقا من الجنود المتخصصين للقتال ، وجميعا أي جيشا وشعبا ، حسبما تقتضيه الحال. والقصد هو الاستعداد لمجابهة العدو ، وحشد جميع الطاقات والقدرات ، واستنفاد كل وسيلة لردعه عن البغي والعدوان ، حتى ولو أدى الدفاع الى تطوع الأمة كلها للحرب كبارا وصغارا ، رجالا ونساء. قال العلامة الحلي في التذكرة : «لو أحوج الحال الى الاستعانة بالنساء
وجب».
كانت الحرب فيما مضى بالرجال ، وتعبئة الجنود والكتائب ، أما اليوم فقد أصبح العلم قوة في كل ميدان ، وحوّل السيف والرمح ، وغيرهما من أدوات الحرب الى صواريخ موجهة ، وقاذفات القنابل ، وغواصات نووية ، ودبابات برمائية ، وحاملات طائرات ، وغازات سامة ، ومخترعات للتجسس جوا وبرا