والخلاصة ان هذا الفريق من المسلمين تحمس للقتال حين النهي عنه ، لأنه عملية انتحارية ، وتقاعسوا حين الأمر به ، لأن تركه موت وانتحار .. وكان عليهم أن يتحمسوا للقتال عند ما أمروا به ، لا عند ما نهوا عنه.
(وَقالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ). طلبوا المزيد في آجالهم رغبة في متاع الحياة .. وان اتجاههم هذا الى الله بتضرع وأسى ينبئ عن ايمانهم به .. وبديهة ان عصيان أمر الله بالموت لا يدل على الإلحاد ، كما ان اختيار الموت على حياة الذل لا يدل على الإيمان بالله ، فلقد رأينا الكثير من الملحدين يؤثرون الموت أحرارا على الحياة مع الظالمين ، كما رأينا الكثير من المسلمين يوقعون صكوك الاذلال والاستعباد على أنفسهم وقومهم.
(قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ). المراد بقليل هنا عدم البقاء ، وسرعة الزوال ، وكل متاع الدنيا الى زوال ، بالاضافة الى انه مشوب بالهموم والمكاره.
(وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى). الآخرة نهاية المطاف ، والقليل من نعيمها خير من نعم الدنيا مجتمعة ، كما ان القليل من عذابها أعظم من عذاب الدنيا بكامله .. والعاقل هو الذي يؤثر العظيم الدائم ، وان كان مؤجلا على الحقير الزائل وان كان معجلا.
(أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً (٧٨) ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً (٧٩))